وجّه حزب المعارضة الرئيسي في كندا تحذيراً إلى البنك المركزي الكندي من تمويل خطط إنفاق رئيس الوزراء جاستن ترودو بما يتجاوز إجراءات الطوارئ العاجلة لوباء COVID-19، ما دفع بالبنك الكندي إلى عاصفة ردٍّ سياسية.
وقال المشرّع بيير بويليفر، المتحدث بإسم حزب المحافظين بشأن القضايا المالية: “لا ينبغي أن يكون البنك المركزي ماكينة صرّاف آلي لرغبة ترودو النهم في الإنفاق”، مُثيراً مخاوف بشأن الآثار طويلة المدى للتوسّع النقدي، وحاثّاً المحافظ تيف ماكليم على الابتعاد عن المناقشات “الايديولوجية”.
قال بويليفر في مقابلة: “سنراقب بنك كندا بتشكيك كبير. إذا كان بنك كندا يريد أن يبدأ في أن يصبح سياسيًا أكثر فأكثر، فسيتم إخضاعه لنفس مستوى المساءلة السياسية مثل الكيانات السياسية الأخرى”,
ومنذ تفشي وباء COVID-19 عالمياً، اشترى البنك المركزي 168 مليار دولار (128 مليار دولار أمريكي) من السندات الحكومية”.
وتسلط تعليقات بويليفر الضوء على حقل الألغام السياسي الذي يتنقل فيه ماكليم حيث يصبح بنكه المركزي هو المموّل الأساسي لعجز ترودو الهائل في الميزانية. وكلّما طالت مدة شراء بنك كندا للديون، أو دعا إلى استمرار الإنفاق كما فعل، كلما تعمّق الانجرار إلى المناقشات حول أولويات الحكومة.
الاستقلالية في خطر
إنّه وضع محفوف بالمخاطر بالنسبة إلى مؤسّسة تتمتّع بتاريخ طويل من الاستقلالية، ونادراً ما تتعرّض لهجوم سياسي، حيث اضطر بنك كندا إلى شراء الديون الحكومية لمنع ارتفاع أسعار الفائدة الذي من شأنه أن يشل الاقتصاد؛ والغرض الأساسي منه ليس تمويل الحكومة، لكن ضمان انتعاش قوي، مسترشداً بهدف التضخم البالغ 2%.
وعلى الجانب المالي، هناك إجماع واسع بين الأحزاب السياسية في كندا على الحاجة إلى إنفاق حكومي هائل خلال الوباء، لكن هناك انقسامات حول الخطوات التالية.
فقد كان ترودو – الذي خسر أغلبيته التشريعية في انتخابات العام الماضي – يلمح إلى أنه يريد إبقاء الصنابير المالية مفتوحة أمام الانتعاش. فبدأ جلسة برلمانية جديدة في أيلول / سبتمبر بالتعهّد باتباع أجندة بعيدة المدى ومكلفة لما بعد الجائحة تشمل نظام رعاية نهارية وطنياً، والرعاية الصحية والمزيد من الإنفاق على الإسكان الميسور التكلفة والبيئة.
وحصل ذلك على دعم الحزب الديمقراطي الجديد ذي الميول اليسارية، ما أدّى إلى تجنّب إجراء انتخابات أخرى في الوقت الحالي، لكن المحافظين، الذين يتمتعون بارتفاع كبير في استطلاعات الرأي تحت قيادة زعيم جديد، يقاومون رؤية ترودو طويلة المدى.
وقال بويليفر: “العالم تغيّر تماماً، والمنطق يقول بأن الحكومات يمكنها فقط طباعة النقود لدفع فواتيرها، ولن تكون هناك عواقب. إنّه جنون، وعلى البنك الكندي الابتعاد عن المناقشات السياسية والأيديولوجية ويلتزم بعمله، وهو استهداف التضخم”.
عجز الميزانية والسياسات النقدية
ووفقاً لصندوق النقد الدولي، سينتهي عجز ميزانية الحكومة الكندية عام 2020 عند ما يقرب من 20% من الناتج المحلي الإجمالي، من شبه التوازن قبل الأزمة، وهو ما يمثل رابع أعلى عجز متوقع في العالم .
وفي غضون ذلك، تعهّد صانعو السياسة النقدية بقيادة ماكليم بمواصلة شراء السندات حتى “يسير التعافي الاقتصادي على قدم وساق”، وبالوتيرة الحالية، سيسيطر البنك المركزي على 56% من سوق السندات الحكومية الكندية بحلول نهاية العام المقبل.
“عملة من فراغ”
وقال بويليفر إن صك “عملة من فراغ” هو وصفة لارتفاع التضخم وضعف الدولار الكندي، كما أنه يغذي التفاوتات حيث تؤدي أسعار الفائدة المنخفضة إلى رفع قيم الأصول للأثرياء.
يُكر أنّه رغم أن البنك المركزي الكندي مستقل من الناحية التشغيلية، إلا أنّ الحكومة تعيد تعيين صلاحياته كل 5 سنوات، حيث يتحمّل المشرّعون المعارضون بعض المسؤوليات الرقابية من خلال اللجان البرلمانية. وحتى مع التدابير الوبائية غير العادية، لا يتوقع البنك أي ارتفاع كبير في أسعار المستهلكين، في ظل توقعات بأن يظل التضخم أقل من الهدف خلال العامين المقبلين، لأن الاقتصاد يعمل بقدرة فائضة، مما يستلزم التحفيز النقدي.