العدد المتزايد لعقود الإيجار في أكبر سوق للإسكان في كندا، يرسم صورةً لسوقِ إيجارات قوي، لكنه الآن في منتصف الصورة فقط، منذ انخفاض متوسط الإيجارات.
أحدث بيانات الإسكان الإيجاري في منطقة تورنتو الكبرى GTA، من مصادر مختلفة، تُظهر أن النشاط قد تجاوز بكثير مستويات ما قبل الوباء، ومع ذلك لا يزال متوسط الإيجارات أقل مما كان عليه قبل عام.
وتشير النظرية الاقتصادية الحضرية إلى أن تقييمات الإسكان هي في الأساس مجموعُ التدفقات النقدية المخصومة في المستقبل (وهي الإيجارات في هذه الحالة).
يقدم واقع أسواق الإسكان الكبيرة، صورةً دقيقةً منذ أن ارتفعت أسعار المنازل إلى مستويات غير مسبوقة، في حين أن الإيجارات قد انخفضت في المقام الأول.
ولكن من المهم أيضاً، أن نعيد مراجعة إحصاءات سوق الإيجار، مع التركيز على الأقسام الفرعية المختلفة.
على سبيل المثال، يمكن أن نقسم المنازل المؤجرة إلى وحدات مبنية لهذا الغرض، ووحدات خاصة (عمارات)، حيث غالباً ما تتطلب المساكن المشتركة إيجارات أعلى من الإيجارات المماثلة والمبنية لهذا الغرض.
سجل مجلس تورونتو الإقليمي للعقارات (TRREB)، 13168 عقدَ إيجارٍ في GTA خلال الربع الأول من عام 2021، أغلبهم كانوا في المنازل الخاصة، التي تتكون من وحدات سكنية، ومنازل منخفضة الارتفاع. وهذا يفوق العدد 7251 عقد إيجارٍ، الذين تم تسجيلهم خلال نفس الفترة من العام الماضي.
ربما يجادل البعض قائلاً أن المقارنات السنوية مضللة، بالنظر إلى قيود الإغلاق المفروضة في مارس/آذار 2020.
ولكنّ المقارنة مع الربع الأول من عام 2019، تقدّم صورةً متطابقة تقريباً. فقد تم تسجيل ما يقارب ضعف العدد، مت عقود الإيجار، في الربع الأول من هذا العام، مقارنة بالربع الأول من عام 2019.
من الممكن اعتبار الانتعاش القوي في سوق إيجارات GTA، بمثابة مقدمةٍ للانتعاش الاقتصادي المتوقع في النصف الأخير من العام. ولكنّ الجمع بين ارتفاع عقود الإيجار، وانخفاض الإيجارات، يمثل لغزاً.
لقد انخفض متوسط الإيجارات عبر جميع قطاعات السوق، ولكنها متباينة حسب الحجم، حيث سجلت المنازل الأصغر الانخفاض السنوي الأعلى. كما انخفض متوسط الإيجارات بنسبة 24% للوحدات الفردية، في حين انخفض بنسبة 12.3%، بالنسبة للشقق السكنية المكونة من ثلاث غرف نوم والتي يصعب العثور عليها.
قد تلعب عوامل العرض والطلب دوراً مهماً هنا. حيث يشير الارتفاع المفاجئ في عقود الإيجار، إلى زيادةٍ كبيرةٍ في الطلب، بينما ساعدت الزيادة المتناسبة نسبياً والمستمرة في العرض، على تخفيف الضغط في أسواق الإيجارات.
تم تسجيل زيادة قياسية في المعروض من الوحدات الإيجارية خلال الأرباع الثلاثة الماضية، مع زيادة قوائم الإيجارات بنسبة 132% في الربع الأخير من عام 2020 مقارنة بالربع نفسه من العام السابق.
وإذا ما استمرت الزيادات الأخيرة في الطلب لبقية العام، فمن المحتمل أن يؤدي ذلك لضغطٍ تصاعديّ على الإيجارات، لأنه من غير المرجح أن يتمكن المعروض من الوحدات المؤجرة، من مواكبة مثل هذه الارتفاعات في الطلب.
لقد ساعدت الزيادة في قوائم الإيجارات حتى الآن، في تخفيف الضغط على معدلات الوظائف الشاغرة، والتي كانت قد تضاعفت تقريباً في جميع مناطق GTA خلال الربع الأول من عام 2021، مقارنة بالربع الأول من عام 2020.
على سبيل المثال، فقد ارتفعت معدلات الشواغر في مدينة تورنتو إلى 1.7% في الربع الأول، بعد أن كانت 0.9% في العام السابق. وبالمثل أيضاً، فقد تضاعف معدل الشغور في منطقة بيل ليصل إلى 0.8%.
تصدر شركة Bullpen Research & Consulting تقريراً شهرياً لسوق الإيجار على مستوى كندا، وذلك بالاستناد إلى البيانات التي تم الإبلاغ عنها بواسطة Rentals.ca.
فقد أكد أحدث تقرير لها، صدر في مايو/أيار، أن متوسط الإيجارات المطلوبة في جميع أنحاء كندا في أبريل/نيسان، قد انخفض بنسبة 9%.
تعتبر بيانات Rentals.ca مفيدة جداً في تقديم صورة على مستوى الدولة، ولكن بالطبع، لا يمكن مقارنتها ببيانات TRREB، التي تشير إلى الإيجار المدفوع، مقابل الإيجارات المطلوبة (كما هو السعر في القائمة).
ماذا يشير كل هذا لفصل الصيف؟
سيكون نشاط سوق الإسكان الإيجاري مرتبطاً ومدفوعاً بتوقعات الانتعاش الاقتصادي، والتحولات الديموغرافية، وتخفيف قيود التنقل والتجمع. وتشير التوقعات بالنسبة للولايات المتحدة عموماً، إلى وجود انتعاشٍ قوي، والذي من المرجح أنه سيحفز النمو في كندا أيضاً.
يجب على التطعيمات الجماعية، أن تخفف قيود التباعد الاجتماعي، وهذا سيساعد على زيادة الطلب المحلي، حيث أنه سيسمح للأشخاص بزيارة المكاتب والمطاعم ودور السينما والملاعب.
كما سيؤدي الاقتصاد المتنامي، لزيادة الطلب على العمال، ومن المرجح أنه سيفتح الأبواب أمام المهاجرين الذين كانوا ينتظرون إشارة خضراء للانتقال إلى هنا.
غالباً ما يستقر المهاجرون الجدد في البداية في مساكن مستأجرة. أيضاً، سيبحث الطلاب الملتحقون بالتعليم العالي مرةً أخرى، عن وحدات تأجيرٍ بالقرب من الحرم الجامعي.
السيناريو المحتمل لارتفاع الطلب على المساكن المستأجرة في الأشهر القليلة المقبلة، من المتوقع أنه سيؤدي للضغط على الإيجارات، إذا لم تتمكن القوائم الجديدة من مواكبة الطلب. ومن المرجح أن تزداد الإيجارات بشكلٍ أسرع بالنسبة للمساكن كبيرة الحجم، والتي أصبحت جذابةً بشكل متزايد لملايين العاملين من المنزل، أثناء الوباء.