دخلت الحكومة الكندية عام 2021 بأهداف طموحة للهجرة، وأرادت الوصول إلى 401 ألف مهاجر جديد على الرغم من كافة التحديات التي يسببها الوباء ، وهو أعلى إجمالي منذ أن أصبحت كندا دولة في عام 1867.
وفي بيانٍ صحفي حديث يحدد الخطوات التي تتخذها لتحسين معالجة الطلبات ، أوضحت الحكومة أن كندا تجاوزت هدفها واستقبلت حوالي 405000 مهاجر العام الماضي.
وتجدر الإشارة إلى أن تحقيق هذا الهدف خلال بيئة تشغيل صعبة للغاية أمر يستحق الثناء. نظراً لأن الوباء ما زال يفرض تحديات على المتقدمين وإدارة الهجرة واللاجئين والمواطنة الكندية (IRCC) على حد سواء، ومع ذلك تمكنت IRCC من تحدّي جميع الصعاب واستقبال رقم قياسي من المقيمين الدائمين الجدد.
ويمكن لهؤلاء المقيمين الدائمين الجدد متابعة آمالهم وتطلعاتهم في كندا، ويشمل ذلك المقيمين الدائمين الذين استفادوا من التدابير والسياسات الخاصة أثناء الوباء مثل خفض IRCC لمتطلبات Express Entry وإدخال برنامج هجرة خاص للعمال الأساسيين والخريجين الدوليين في عام 2021.
ومن الواضح أن IRCC فخورة بالإنجاز ، حيث أصدرت بياناً صحفياً للاحتفال به قبل عيد الميلاد.
عواقب سلبية
وفي الوقت نفسه ، أدركت IRCC أن قرار استقبال 401000 مهاجر في عام 2021 أدى إلى عواقب سلبية. وللأسف ، كان من الممكن تجنب هذه العواقب لو اختارت الحكومة الكندية اتباع سياسة هجرة أكثر استدامة العام الماضي.
يُذكر أن الغرض من زيادة هدف الهجرة في المقام الأول كان تعزيز السكان والقوى العاملة والنمو الاقتصادي ، مع الاستمرار في لم شمل العائلات ومساعدة اللاجئين. وبالنظر إلى أن حوالي 60٪ من المهاجرين الجدد يندرجون تحت الطبقة الاقتصادية ، يمكن القول أن هدف الهجرة الرئيسي لكندا اقتصادي بطبيعته.
ومع ذلك ، فإن هدف الحكومة الكندية العام الماضي قوّض هدفها الخاص بدعم الاقتصاد عن طريق الهجرة.
وقررت الحكومة التركيز على نقل المزيد من الأشخاص من داخل كندا إلى الإقامة الدائمة. علماً أن حوالي 30٪ من المقيمين الدائمين الجدد من الطبقة الاقتصادية انتقلوا من داخل كندا قبل الوباء، بينما وصل 70٪ من الخارج.
وانعكس هذا الأمر خلال العام الماضي، حيث جاء 70٪ من المقيمين من داخل كندا ، في حين جاء 30٪ من الخارج.
وكانت النتيجة الأولى لهذا القرار هي مساهمة انخفاض تدفق المهاجرين الجدد من الخارج في ضعف السكان، والقوى العاملة ، والنمو الاقتصادي.
كما أدى تقليص نسبة المهاجرين من الطبقة الاقتصادية الجديدة القادمين من الخارج العام الماضي إلى الإضرار بسوق العمل، نظراً لأن المهاجرين كانوا يشكلون 80٪ أو أكثر من العمال الجدد في كندا كل عام.
واعترفت IRCC بأن التركيز على الهدف جعل الأعمال المتراكمة أسوأ، حيث وصلت إلى 1.8 مليون طلب ، ارتفاعاً من 1.5 مليون في يوليو/تموز 2021. ويعود السبب في ذلك إلى تركيز IRCC على معالجة الطلبات داخل كندا، ومنحت الطلبات الحالية والجديدة أولوية أقل نظراً لأنها لن تحسب ضمن هدف القبول البالغ 401.000.
وسيستمر العمل المتراكم في إبطاء وصول المهاجرين من الطبقة الاقتصادية من الخارج ، مما يزيد من توقف القوى العاملة والنمو الاقتصادي. وبالإضافة إلى ذلك ، ستظل إجراءات لم شمل الأسرة وإعادة توطين اللاجئين أبطأ.
اقتراحات لإعادة نظام الهجرة إلى مساره الصحيح
يمكن أن تستفيدـ IRCC من نقل استراتيجيتها التي تخص معالجة الأعمال المتراكمة لعامة الشعب. خصوصاً وأنه يحق للمتقدمين معرفة موقفهم وتاريخ اتخاذ قرارات بشأن ملفاتهم. وسيكون من الأفضل لـ IRCC أن تكون شفافة وصادقة بشأن المدة الفعلية التي تستغرقها معالجة تدفق طلب معين بدلاً من النهج الحالي.
وتحتاج IRCC أيضاً إلى الحفاظ على قدرتها على المعالجة على مستوى عالي على مدار العام. من المفهوم أن قدرتها على المعالجة انخفضت بعد الوباء مباشرة. ومع ذلك ، لم تبدأ في إنهاء طلبات الإقامة الدائمة بمعدل أعلى حتى يونيو/حزيران 2021 ، وتمكنوا في النهاية من إنهاء أكثر من 500000 في المجموع العام الماضي.
ووفقاً لـ IRCC ، فإن الحفاظ على هذا المستوى سيمكنهم من إنهاء مخزون الإقامة الدائمة بالكامل بحلول نهاية هذا العام. ويجب على IRCC مواكبة هذه الوتيرة إلى ما بعد عام 2022 بحيث يتم معالجة ملفات جميع المتقدمين في الوقت المناسب.
كما يجب أن تستأنف IRCC أيضاً دعوات Express Entry إلى برنامج العمال المهرة الفيدرالي (FSWP) ومرشحي فئة الخبرة الكندية (CEC) على الفور نظراً لأنه يعد عاملاً أساسياً للانتعاش الاقتصادي لكندا وتخفيف النقص الحالي في العمالة، بالإضافة إلى العديد من الأسباب المهمة.
ونستنتج مما سبق أنه يتوجب IRCC تقديم سياسة عامة مؤقتة أخرى للسماح لأولئك الموجودين في كندا الذين يسعون للبقاء كمقيمين دائمين بتمديد وضعهم المؤقت بطريقة أسهل.
وفي النهاية، لا يمكن للحكومة الكندية تغيير الماضي، لكن يمكنها التفكير بشكل خلّاق في التوصل إلى حلول للعواقب السلبية التي حدثت بسبب سعيهم وراء استقبال أكثر من 400000 مهاجر في عام 2021.