مونتريال غازيت : علّمنا انتشار نظريات المؤامرة وترويج العلوم غير المرغوب فيها أثناء الوباء أننا بحاجة إلى القيام بعمل أفضل في تعليم الناس مهارات التفكير النقدي.
وساهم انتشار خطاب الكراهية على وسائل التواصل الاجتماعي، بتأكيد أهمية تعليم المواطنة الصالحة ومحو الأمية الرقمية للجيل القادم.
وتتطلب الآفات الاجتماعية مثل العنصرية والعنف الزوجي والاستغلال الجنسي أن نطوّر وعياً أعمق بعواقبها المأساوية.
وفي هذا الصدد، فإن التغييرات التي تم إدخالها على المناهج الدراسية، والتي أعلن عنها وزير التعليم Jean-François Roberge، هي تحديث مرحّب به لدروس الأخلاق والدين المعمول بها منذ عام 2008.
وفي حديثه عن البرنامج الجديد، قال الوزير: “لقد تغيّر مجتمع كيبيك وهناك تحديات جديدة أمامنا. نريد محاربة التمييز على أساس الجنس، والعنصرية، ورهاب المثلية”.
من الصعب أن نختلف مع ذلك، ولكن هناك سبب يدعو للتشكيك في الهدف الحقيقي من هذا الإصلاح، والذي يتمثّل في جعل الشباب منغمسين في ثقافة وقيم كيبيك.
يُذكر أنه تم الكشف عن المنهج لأول مرة الأسبوع الماضي من قبل رئيس الوزراء فرانسوا لوغو في خطابه أمام الجمعية الوطنية الذي ركّز على موضوعات القومية في كيبيك والفخر بها.
وسمح الخطاب الذي ألقاه رئيس الوزراء بتحديد أولويات حكومة Coalition Avenir Québec في الفترة التي تسبق الانتخابات المحلية المقبلة في العام المقبل.
تشير حقيقة ذكر المنهاج الجديد لأول مرة في الخطاب، ثم تحديده على عجل بعد أيام قليلة فقط، إلى أن هذه التغييرات قد تكون ممارسة سياسية أكثر من كونها ثمرة تفكير من قبل خبراء تربويين مختصين.
فرانسوا لوغو كان يلعب على إحساس سكان كيبيك بالوطنية مؤخراً. وأعلن عن استثمارات كبيرة في المنشآت الثقافية وقدم مشروع القانون 96 لتعزيز اللغة الفرنسية، وكان خطابه أمام الهيئة التشريعية مليئاً بكلمة “فخر”.
ومع ذلك، يتساءل العديد من سكان كيبيك غير البيض وغير الناطقين بالفرنسية عما إذا كانوا جزءاً من هذه الأمة التي تدعمها حكومته بحماس.
والجدير بالذكر أن هناك علامات استفهام في محتوى المناهج الجديدة. حيث يجب أن يثير إدراج الإشراف البيئي، والرضا الجنسي، وحرية التعبير، وواقع المجتمعات الأصلية المعاصرة، إلى جانب مصطلحات مثل “القيم” و “العلمانية” ضمن البرنامج بعض الدهشة.
هذه الأخيرة هي مصطلحات مشحونة في الحروب الثقافية التي خاضتها حكومة لوغو بلا خجل، سواء كان ذلك مثل إنكار رئيس الوزراء لوجود العنصرية المنهجية في كيبيك، أو دفاعه عن الأكاديميين والكتاب والفنانين الذين يستخدمون كلمات وصور مسيئة ثقافياً، أو البند الموجود في مشروع القانون 21، والذي يحظر على الأقليات ارتداء الزي الديني في بعض وظائف الخدمة العامة.
ويعد ذلك مثالاً عن سياسات الهوية التي تخلق طريقة تفكير لا تعبّر عن سكان كيبيك.
ووفقاً للحكومة، سيسمح المنهاج الجديد للطلاب ب”فهم الثقافة التي يعيشون ويعملون فيها، وفهم أن كل مجتمع يتأثر بسياق ثقافي مختلف وهذا ما يجعل الثقافة مميزة”، “لذلك من واجب كل أمة حماية وتعزيز ثقافتها وتراثها وخصوصياتها”.
لكن شتان ما بين الترويج للثقافة والتراث، وتسييسها. هل سيستخدم هذا الإصلاح لتعليم شباب كيبيك التفكير الجماعي الذي يخدم الشعارات القومية لرئيس الوزراء أثناء حملته؟ أم سيزوّد الجيل القادم بقدرات التفكير النقدي حتى يتمكنوا من رؤية مثل هذه المناورة؟
يتعرض منهج التاريخ في كيبيك لانتقادات لتجاهله مساهمات مجتمعات السكان الأصليين، والمتحدثين باللغة الإنكليزية، والمهاجرين والأقليات.
و لهذا السبب، نأمل يساعد برنامج الثقافة والمواطنة الجديد في سدّ هذه الفجوات بدلاً من توسيعها.
المصدر: Montreal Gazette