كان المستثمرون والمصرفيون ورجال الأعمال يناقشون فرص حدوث ركود قادم منذ شهور.
أما الآن، فقد انضمت مؤسسة الائتمان الدولية الأولى في العالم إلى المجموعة القائلة بأن الركود محتمل، وحذّرت من احتمال وجود حدث أسوأ يلوح في الأفق.
ووفقاً لأحدث التوقعات الاقتصادية العالمية الصادرة عن البنك الدولي يوم الثلاثاء، فمن المتوقع أن يتباطأ النمو الاقتصادي العالمي قبل نهاية العام ، وينبغي أن تبدأ معظم الدول في الاستعداد للركود.
وكتب رئيس البنك الدولي David Malpass: “سيكون من الصعب تجنّب الركود بالنسبة للعديد من البلدان”.
تضرر النمو
من المتوقع أن يتباطأ معدل النمو العالمي من 5.7٪ في 2021 إلى 2.9٪ هذا العام. والجدير بالذكر أن البنك الدولي ، الذي يعمل كهيئة إقراض دولية للاقتصادات النامية ، كان قد توقع نمواً بنسبة 4.1 ٪ لعام 2022 في يناير/كانون الثاني الماضي.
يُذكر أن الاقتصاد العالمي كان قد تضرر بالفعل بسبب الآثار اللاحقة لوباء COVID-19 ، الذي ترك سلاسل التوريد الدولية في حالة يرثى لها وأعاق بشكل كبير نمو الدخل وجهود الحد من الفقر في البلدان النامية.
ودفع هذا الأمر البنك الدولي إلى توقع نمو عالمي أبطأ لكنه قوي في السنوات القليلة المقبلة بدءاً من عام 2022. ولكن بعد اندلاع الحرب في أوكرانيا ، اضطرت المؤسسة إلى خفض توقعاتها بشكل كبير لمراعاة ارتفاع أسعار المواد الغذائية والوقود وتعطيل شبكات التجارة الدولية.
ويحتمل أن تثير كلمة “ركود” صوراً مخيفة لانهيار السوق في عام 2008 ، لكن يعتقد معظم الاقتصاديين أنه وفي حال حدوث ركود ، فمن غير المرجح أن نشهد انكماشاً بهذا الحجم ، وطمأنوا الناس بأن النتيجة ستكون على الأرجح ركوداً معتدلاً ، وهو أمر طبيعي كما هو الحال في نهاية دورات العمل.
لكن وعلى الرغم من ذلك، حذّر البنك الدولي من أن الركود المعتدل يمكن أن يُخلّف آثاراً دائمة على الاقتصاد العالمي، حيث يمكن أن يؤدي إلى “الركود التضخمي”، وهو مزيج من النمو المنخفض والأسعار المرتفعة التي تضرّ اقتصادات البلدان النامية.
عودة الركود التضخمي؟
و ذكر Malpass خطر التضخم المصحوب بركود تضخمي عدة مرات في تقرير البنك الدولي ، وأشار إلى أوجه التشابه في بيئات السياسة النقدية بين الوقت الحالي وآخر مرة ضرب فيها التضخم المصحوب بالركود.
وتجدر الإشارة إلى أن الركود التضخمي يحدث عندما يمر النمو الاقتصادي بتباطؤ كبير، إلا أن التضخم وارتفاع الأسعار سيستمران.
مع العلم أن آخر مرة شهد فيها العالم فترة تضخمية كانت خلال صدمات النفط في السبعينيات ، عندما تسبب ارتفاع أسعار النفط في ارتفاع التضخم في جميع أنحاء العالم والركود في البلدان التي استوردت كميات كبيرة من النفط من الشرق الأوسط.
ويمكن اعتبار التضخم المصحوب بالركود الأسوأ من بين جميع الاحتمالات، حيث يميل التضخم عادةً إلى تقليص الاقتصاد. لكن يبدو أننا نشهد الظروف نفسها التي بدأ فيها الركود التضخمي في السبعينيات.
وأشار الخبراء إلى أن استئناف عمليات سلسلة التوريد العادية وزيادة الإنتاج حول العالم أمران أساسيان لتجنب الركود التضخمي ، لكن ذلك لن يكون سهلاً. حيث أدى الإغلاق الذي سببه COVID-19 في مراكز الإنتاج في الصين خلال الأشهر القليلة الماضية إلى عرقلة التصنيع العالمي ، وقيود الطاقة نتيجة للحرب تقف في طريق عودة سلاسل التوريد إلى طبيعتها الكاملة.