أزال نشطاء في مونتريال تمثالا لأول رئيس وزراء كندي السير جون ماكدونالد، الذي ارتبط بالسياسات القاسية التي قتلت العديد من السكان الأصليين في أواخر القرن التاسع عشر.
وأدان رئيس الوزراء جاستن ترودو و رئيس حكومة كيبيك ذلك ووصفاه بأنه تصرف “غير مقبول”.
ماذا فعل ماكدونالد؟
وكان ماكدونالد رئيسا لوزراء كندا لمدة 19 عاما في الستينيات والتسعينيات من القرن التاسع عشر وهو معروف بسياساته الخاصة ببناء الأمة، لكنه وضع أيضا نظام المدارس الداخلية.
فعلى مدار ما يزيد عن قرن وتحديدا بين عامي 1863 و1996 انتزع السلطات بالقوة ما لا يقل عن 150 ألف طفل من أبناء السكان الأصليين من منازلهم وأرسلتهم إلى مدارس داخلية تمولها الدولة حيث تعرض العديد من الأطفال للعنف الجسدي ومات بعضهم، ومنعوا من التحدث بلغتهم أو ممارسة ثقافتهم.
وكانت الحكومة الفيدرالية قد أقرت بحدوث انتهاكات لطلاب تلك المدارس في عام 1998.
وفي أكتوبر/ تشرين الأول الماضي تم كشف النقاب عن أسماء 2800 طفل توفوا في تلك المدارس الداخلية عندما كشف المركز الوطني للحقيقة والمصالحة، بالشراكة مع شبكة تلفزيون السكان الأصليين، عن سجل تذكاري وطني، وكتبت جميع الأسماء البالغ عددها 2800 على لفيفة حمراء بلغ طولها 50 مترا.
وكانت الحكومة الكندية قد أقامت 130 مدرسة داخلية في عدد من المناطق النائية لاستقطاب السكان الأصليين في البلاد ودمجهم في المجتمع.
ولكن الآلاف من هؤلاء الأشخاص قالوا إنهم تعرضوا لإيذاء جسدي وجنسي على مدى عقود من الزمان.
وكان دوام التلاميذ في المدارس إجباريا، وجرى انتزاع الأطفال من أسرهم، كما منعوا من التحدث بلغة السكان الأصليين في كندا.
كما روى أولئك الذين أُلحقوا بها ذكرياتهم عن تعرضهم للضرب عندما كانوا يتكلمون لغاتهم الأصلية وفقدانهم الصلة بآبائهم وثقافتهم.
ومنذ عام 2007 توصلت الحكومة الكندية لتسويات مع الآلاف من الناجين الأحياء، ودفعت أكثر 2.3 مليار دولار تعويضات، فيما تعتبر أكبر تسوية دعاوى جماعية في التاريخ الكندي.
وكان 15 ألف مواطن كندي من هؤلاء المتضررين قد رفعوا دعاوى قضائية ضد الجهتين المسؤولتين عن تلك المدارس في كندا وهما الحكومة والكنيسة.
وفي عام 2008 وجه رئيس الوزراء الكندي آنذاك ستيفن هاربر اعتذارا باسم الشعب الكندي، بينما عبر البابا بنديكت في السنة التي تلتها عن أسف الكنيسة “بسبب سلوك بعض أعضائها”.
وتقول جماعات الدفاع عن السكان الأصليين إن هذا النظام هو من بين الأسباب لظاهرة إدمان الكحول والمخدرات بين السكان الأصليين.
وأطلق تقرير حكومي في عام 2015 على هذه الممارسة “إبادة ثقافية”.
وفي عام 2017 طالب رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو البابا فرانسيس بابا الفاتيكان بالاعتذار بسبب دور الكنيسة الكاثوليكية في نظام المدارس الداخلية. وكانت لجنة “الحقيقة والمصالحة” في كندا قد طالبت باعتذار البابا كجزء من عملية لمداواة الناجين.
وفي السنوات الأخيرة، جعلت الحكومة الكندية المصالحة مع السكان الأصليين على رأس أولوياتها.
ووصف منشور تم توزيعه خلال مظاهرة مونتريال جون ماكدونالد بأنه “من دعاة تفوق البيض الذين دبروا الإبادة الجماعية للشعوب الأصلية من خلال إنشاء نظام مدارس داخلية وحشية”، وذلك بحسب ” سي بي سي”.
وقد وجهت اتهامات لجون ماكدونالد بحدوث مجاعة والأمراض التي فتكت بالعديد من السكان الأصليين وأجبرت حكومته بعض مجتمعات السكان الأصليين على مغادرة أراضيهم التقليدية، وتم حجب الطعام عنهم حتى رضخوا وفعلوا ذلك.
يذكر أن سكان كندا الأصليين، الذين يناهز عددهم 1.4 مليون نسمة ، يعانون من مستويات مرتفعة من الفقر، كما تقل معدلات أعمارهم عن المستوى العام لدى الكنديين.