يأمل كل من الشباب والبالغين على حدّ سواء أن تقوم الحكومة بإعادة الاستقرار إلى سوق الإسكان من جديد، وقد بدأوا في تقديم الالتماسات وحملات كتابة الرسائل للنهوض بقضيتهم.
لكن ولسوء الحظ، فقد فات الأوان بالنسبة للكثير من الشباب، وحتى التراجع الحاد في الأسعار لن يعيدنا إلى الأيام التي كان فيها امتلاك منزلٍ مستقل في إحدى المدن الكبرى هدفاً يمكن أن تحققه الطبقة الوسطى.
لذا علينا أن نعترف بأن حقبة ملكية المنازل المتوفرة على نطاق واسع قد انتهت في بعض المدن الكبرى. ومن دون الوظائف ذات الدخل المرتفع، أو الأهالي الأثرياء، سيتعين على المشترين التفكير في الضواحي والمجتمعات الصغيرة. أما العائلات التي ترغب في الأجواء الحضرية، سيتعين عليها اللجوء إلى الشقق.
هذا وقد شهدنا اندفاعاً من المشترين الشباب الذين يغادرون المدن الكبرى في ظل الوباء للحصول على مساحة معيشة أكبر في منزل منفصل، بالإضافة إلى الاستفادة من طبيعة العمل عن بُعد. كما أن العودة إلى الحياة الطبيعية من شأنها أن تعيد جاذبية الحياة الحضرية وربما ستحد من رغبة أصحاب العمل في تعيين موظفين يعملون من منازلهم.
لكن وعلى الرغم من أن جاذبية العيش خارج المدينة التي تركز على الوباء سوف تتلاشى إلى حد ما، إلا أن الحالة الاقتصادية تزداد قوةً. حيث ارتفعت أسعار المنازل في المدن والبلدات الصغيرة، لكنها لا تزال أقل بكثير من بعض الأماكن مثل فانكوفر وتورنتو وهاملتون وأوتاوا.
خيارات حكومية
كما تتوفر الكثير من الخيارات للحكومات التي ترغب في أن تساعد في علاج مشكلة القدرة على تحمل التكاليف من خلال احتواء الزيادات في الأسعار.
و يمكن زيادة الحد الأدنى للدفعة المقدمة على المنازل التي تزيد تكلفتها عن حد معين. يمكن أيضاً إلغاء خطة الحكومة التي تخص مشتري المنازل، حيث يسحب المشترون ما يصل إلى 35000 دولار من خطة مدخراتهم التقاعدية المسجلة. وللحد من جانب المضاربة لشراء المنازل، يمكن تقديم الإعفاء الضريبي لأرباح رأس المال على المساكن الرئيسية بشكل أكثر محدودية، أو حتى تأجيله بشكل كامل.
و يجب أن تكون الحكومة الفيدرالية حذرة في التعامل مع سوق الإسكان في الوقت الحالي نظراً لأنه مصدرٌ هام للقوة الاقتصادية.
لكن لنفترض أنه تم إدخال إجراءات تزعزع السوق وتدفع الأسعار إلى الانخفاض بشكل كبير عن المستويات الحالية. وباعتبار أن متوسط سعر المنزل المستقل المُعاد بيعه في تورنتو وفانكوفر قد بلغ في 1.4 مليون دولار و 1.6 مليون دولار على التوالي في فبراير/شباط.
فحتى لو تم تخفيض هذه الأسعار بنسبة 25٪، فستبقى أعلى من عتبة المليون دولار، حيث يكون الحد الأدنى للدفعة الأولى 20٪ ، أو 200000 دولار. و بالنسبة لبعض الشباب، فإن ادخار هذا القدر من المال أصعب من سداد أقساط الرهن العقاري الشهرية.
حملة لإجبار السياسيين على التحرك
وقد أحدثت أخبار الإسكان الأخيرة ضجة لدى الأشخاص الذين يريدون اتخاذ إجراءات لتحسين القدرة على تحمل تكاليف الإسكان. وتسبب هذا الشعور في قيام موقع ويب لبيانات الإسكان يسمى The Habistat بإنشاء عريضة عبر الإنترنت تحثّ السياسيين على الاعتراف علناً بما وصفوه بأزمة القدرة على تحمل التكاليف في هذا البلد. ويتم الترويج لحملة كتابة الرسائل لإجبار السياسيين على الاعتراف بأزمة الإسكان في مجتمع الإسكان الكندي في منتدى Reddit عبر الإنترنت.
ومن المتوقع أن تكون القدرة على تحمل تكاليف السكن قضية رئيسية في الانتخابات الفيدرالية المقبلة، وفي التصويت على مستوى المقاطعات والبلديات. وفي حال لم يتم الاستجابة لنداءات الاستغاثة، فقد تختار الحكومة التصرف بناءاً على اعتبارات اقتصادية بحتة.
كما تتعرض الأسر المعيشية التي تشتري في الأسواق الباهظة لخطر تحمل ديون الرهن العقاري التي تزاحم قدرتها على الادخار للمستقبل وتوفير الإنفاق الأسري الذي يحتاجه الاقتصاد للتعافي من الوباء.
وبغض النظر عمّا تفعله الحكومة ، فمن غير المرجح أن تحقق تحسناً جذرياً في القدرة على تحمل تكاليف الإسكان. فمن يدري كم سترتفع الأسعار الأعلى قبل أن تصبح الإجراءات سارية المفعول؟
وبالإضافة إلى ذلك، يمكن لبعض الإجراءات أن تجعل الأمر أكثر صرامة على المدى القريب بالنسبة للشباب من ناحية الحصول على قروض عقارية.
مع العلم أن ازدهار الإسكان الذي جعل من فكرة امتلاك المنازل جذابة للغاية لهذه الفئة السكانية، قد أدّى إلى إخراج الكثير منها من بعض الأسواق مثل فانكوفر وتورنتو.
وللأسف، لن تعود الأيام التي كان ينظر الناس فيها إلى المنازل على أنها مكانٌ للعيش بدلاً من الاستثمار.
المصدر : The Globe and Mail