أُجبر العديد من السكان فيما سبق على مغادرة كيبيك للعمل نظراً لأن مقاطعتهم كانت تعاني من مشكلة بطالة مزمنة، ولجأوا إلى أونتاريو للحصول على وظيفة.
والجدير بالذكر أن معدل البطالة في كيبيك لطالما تجاوز المتوسط الكندي بعدّة نقاط مئوية حتى مطلع القرن. و بلغ الفارق مع أونتاريو ما يصل إلى 5 نقاط في الثمانينيات ولم يتقلص أبداً إلى أقل من 3 نقاط قبل عام 2000.
ومنذ ذلك الحين، تضافرت معدلات المواليد المنخفضة ، وشيخوخة السكان السريعة، وانخفاض مستويات الهجرة مقارنةً ببقية أنحاء كندا، لتجعل سوق العمل في كيبيك ثاني أضيق سوق في البلاد بعد بريتيش كولومبيا.
وبلغ معدل البطالة في كيبيك 5.6٪ في أكتوبر/تشرين الأول ، مقارنةً بـ 7٪ في أونتاريو و 6.7٪ على الصعيد الوطني. وكان معدل البطالة في مدينة كيبيك هو الأدنى في أي منطقة حضرية في البلاد، حيث بلغ 3.8٪.
لوغو : نقص العمال أفضل من نقص الوظائف
واعتبر رئيس الوزراء فرانسوا لوغو أن هذه “مشكلة جيدة”، وجاء في تصريحٍ له: “علينا أن نعترف بأن ذلك يُمثّل أخباراً جيدة لـ 4.5 مليون عامل في كيبيك، لأنها تفرض ضغوطاً تصاعدية على الرواتب، وقد رأينا ذلك على مدار السنوات الثلاث الماضية. أُفضّل الافتقار إلى العمال على الافتقار إلى الوظائف”.
ومع ذلك، فإن الشركات في كيبيك لا ترى الأمر على هذا النحو. ووصفوا النقص الحاد في العمالة باعتباره أكبر عقبة أمام النمو الاقتصادي. علماً أنه يوجد حالياً أكثر من 220 ألف وظيفة شاغرة في المقاطعة.
وتخلى المُصنّعون في كيبيك عن 18 مليار دولار من العائدات في العامين الماضيين لأنهم لم يتمكنوا من العثور على عدد كافي من العمال لتلبية الطلبات. كما أن العديد من الشركات تغلق أبوابها بسبب نقص الموظفين.
وانضمت 5 من مجموعات الأعمال الرئيسية في كيبيك إلى اتحاد البلديات في كيبيك خلال الأسبوع الماضي لمطالبة حكومة Coalition Avenir Québec بتعزيز مستويات الهجرة لمنع النقص الحالي في العمالة من التفاقم.
وبالإضافة إلى العمل مع الحكومة الفيدرالية لتسريع عملية التقديم للعمال الأجانب المؤقتين، تريد المجموعات أن تزيد المقاطعة عدد المقيمين الدائمين الذين تقبلهم كل عام، وأن تبذل المزيد من الجهد لتشجيع الوافدين الجدد على الاستقرار خارج منطقة مونتريال الكبرى، نحو المناطق النائية حيث وصل نقص العمال إلى مستويات حرجة.
” كارثة اقتصادية “
ووصف Karl Blackburn، رئيس مجموعة أصحاب العمل الرئيسية في المقاطعة ، Le Conseil du patronat du Québec (CPQ) ، نقص العمالة في المقاطعة بال”كارثة اقتصادية” ، ودعا وزير المالية Eric Girard إلى تقديم تدابير جديدة لمعالجة أزمة العمالة في بيان الخريف الاقتصادي الأسبوع المقبل.
لكن لا يزال لوغو، الذي تم انتخابه في عام 2018 بناءاً على وعد بالتوقيع بخفض مستويات الهجرة بشكل مؤقت، يقاوم مثل هذه المطالب. و ركّز على الأتمتة والتدريب الوظيفي والرقمنة الأسبوع الماضي أثناء تحديد استراتيجية حكومته لتخفيف نقص العمالة وزيادة الإنتاجية.
كما جعل من سدّ فجوة الثروة بين مقاطعته وأونتاريو الأولوية الاقتصادية القصوى لحكومته(الناتج المحلي الإجمالي للفرد في كيبيك أقل بنحو 13٪). ونتيجةً لذلك، أصرّ على أن جلب المزيد من المهاجرين ، الذين يبدأون عادة بجني أقل من متوسط راتب بدوام كامل يبلغ 56 ألف دولار، سيجعل هذه المهمة أكثر صعوبة.
وأضاف لوغو: “إذا أردنا أن تواصل الأجيال القادمة التحدث بالفرنسية، فهناك حدّ لعدد المهاجرين الذين يمكننا قبولهم”.
يُذكر أن كيبيك تحدد أهداف الهجرة الخاصة بها وتختار المهاجرين الاقتصاديين بموجب اتفاقية عمرها عقود مع أوتاوا. بينما تكون الحكومة الفيدرالية مسؤولة عن اختيار الوافدين الجدد الذين يأتون إلى المقاطعة كلاجئين أو بموجب برنامج لم شمل الأسرة.
وأعلنت حكومة لوغو مؤخراً أنها ستسعى لجلب 70 ألف مهاجر في عام 2022. إلا أن ذلك لن يؤدي إلا للتعويض عن النقص في الوافدين الجدد الذي حدث في عام 2020 وهذا العام بسبب الوباء.
وعلى الرغم من الزيادة التي حدثت لمرة واحدة، ستستمر كيبيك في استقبال عدد أقل بكثير من المهاجرين مقارنة بعدد سكانها من أونتاريو وبريتيش كولومبيا وألبرتا.
ولمواكبة بقية البلاد، ستحتاج كيبيك التي تمثل 22.5٪ من سكان كندا ، إلى زيادة عدد المهاجرين الذين تقبلهم إلى 90 ألف بدءاً من هذا العام و زيادة المستوى بشكل سنوي بعد ذلك.
وبعيداً عن أزمة العمالة الحالية، فإن سياسة الهجرة الخاصة بـ CAQ ستجعل المقاطعة غير مجهزة لمواجهة ضغوط الميزانية التي تسببها زيادة شيخوخة السكان. حيث تجاوزت نسبة سكان كيبيك الذين تزيد أعمارهم عن 65 عاماً المعدل الوطني البالغ 18٪ في عام 2020(وصل إلى 19.7٪).
كما أن عدد سكان كيبيك الذين لا تتجاوز أعمارهم ال20 عام أقل مقارنةً ببقية أنحاء كندا، في حين أن حجم السكان في سن العمل فيها تقلص خلال الآونة الأخيرة.
وعلى الرغم من ذلك، يواصل لوغو الذي أعلن عن نيته للترشح لإعادة انتخابه في عام 2022، تصوير الهجرة على أنها تهديد لثقافة كيبيك المتميزة. إلا أن سياساته تضر بالآفاق الاقتصادية للمقاطعة وتحدّ من نفوذها السياسي داخل كندا.
المصدر: The Globe and Mail