أصبح فصل الصيف أكثر سخونة من أي وقت مضى ، مما أدى إلى تجاوز الأرقام القياسية السابقة لدرجات الحرارة المرتفعة ، وإرهاق شبكة الطاقة، وإلحاق الضرر بالبنية التحتية الحيوية.
كما تتضمن موجات الحرارة عنصراً خطيراً آخر، وهو عدم انخفاض الحرارة بشكل ملحوظ خلال الليل لتوفر راحة كافية من الحرارة الشديدة ، خاصة بالنسبة للأشخاص الذين ليس لديهم إمكانية الوصول إلى تكييف الهواء.
وأوضح عالم في معهد علوم البيانات بجامعة كولومبيا كيلتون مينور لشبكة CNN: “لا يدرك معظم الناس أن درجات الحرارة في الليل تجاوزت الزيادات خلال النهار في معظم المناطق المأهولة بالسكان في جميع أنحاء العالم في العقود الأخيرة”.
وحذّر العلماء من أن الليالي الحارة هي نتيجة لأزمة المناخ. حيث ترتفع درجة حرارة الليالي بشكل أسرع من الأيام في معظم أنحاء الولايات المتحدة ، وفقاً لتقييم المناخ الوطني لعام 2018.
ويعود السبب في ذلك إلى ارتفاع نسبة الرطوبة التي تحبس الحرارة في الهواء. مع العلم أن هذه الرطوبة تعكس الحرارة خلال النهار، لكنها تحبسها بداخلها خلال الليل.
وتعد زيادة الحرارة الليلية أكثر شيوعاً في المدن بسبب تأثير ظاهرة “الجزر الحرارية”(مصطلح يطلق على المنطقة الحضرية التي تكون أكثر دفئاً من المناطق الريفية المحيطة بها بسبب الأنشطة البشرية).
والجدير بالذكر أن الأماكن التي يوجد بها الكثير من الأسفلت والخرسانة والمباني والطرق السريعة تمتص حرارة الشمس أكثر من المناطق ذات المتنزهات الكثيرة والأنهار والشوارع التي تصطف على جانبيها الأشجار. ثم يتم إطلاق هذه الحرارة المحتجزة مرة أخرى في الهواء خلال الليل.
بينما تكون المناطق التي تحتوي على الكثير من المساحات الخضراء – مع العشب والأشجار التي تعكس ضوء الشمس وتخلق الظل – أكثر برودة في أيام الصيف الحارة.
وفي غضون ذلك، وجدت دراسة أجريت عام 2022 في Lancet Planetary Health أن الوفيات المرتبطة بالحرارة يمكن أن تزيد ستة أضعاف بحلول نهاية القرن بسبب ارتفاع درجات الحرارة ليلاً ، ما لم يتم كبح التلوث الناتج عن ارتفاع درجة حرارة الكوكب بشكل كبير.
وأشارت الدراسة إلى أن الأشخاص الذين يعيشون في مناخات أكثر دفئاً يجدون صعوبة في النوم مع ارتفاع درجات الحرارة ، ما يعني أن أزمة المناخ تؤثر بالفعل على قدرة الناس على النوم.
وفي أقصى هذه الحالات، عندما لا تتاح الفرصة لجسم الإنسان التعافي خلال الليل، يمكن أن يتطور الإجهاد الحراري إلى ضربة شمس ، والتي ترتبط بالارتباك والدوخة والإغماء.
وقدرت الدراسة أن الناس في جميع أنحاء العالم يفقدون بالفعل ما يقارب 44 ساعة من النوم كل عام في المتوسط بسبب درجات الحرارة الدافئة في الليل خلال الجزء الأول فقط من القرن الحادي والعشرين.
ولفتت إلى أن موجات الحر التي تستمر لعدة أيام تميل إلى أن تكون مرتبطة بمزيد من الوفيات لأن الجسم لم يعد قادراً على الحفاظ على برودة نفسه.
وما لم يتم كبح التلوث الناتج عن ارتفاع درجة حرارة الكوكب ، فمن المقرر أن تزيد أزمة المناخ من التعرض لمستويات مؤشر الحرارة الخطرة بنسبة 50٪ إلى 100٪ في معظم المناطق المدارية وما يصل إلى 10 مرات في معظم أنحاء العالم.