عندما قدموا لأول مرة إلى كندا، طلبت نعيمة محمد ومحمد الضاهر وأطفالهم المساعدة من بنك الطعام للحصول على المساعدة. لكن اليوم تحوّلت الخضروات التي يزرعونها تجارة مزدهرة تغذّي أيضاً، أولئك الذين هم بأمسّ الحاجة إليها في ظل جائحة COVID-19.
نعيمة محمد تجلب البصل الأخضر من حديقة في زاوية حقل الكانولا شمال شرق كالغاري، فيما يتحدّث زوجها محمد الضاهر، على بُعد صفوف قليلة من الخضروات، مع شخص غريب عن فضائل التربة.
أما أطفالهما الخمسة فيتجوّلون حولهم، ويتناوبون بين المساعدة في الحصاد واللعب في المقطورة التي تستخدمها الأسرة لنقل المنتجات، وأيديهم ملطّخة باللون العنابي من العمل واللعب.
من العوز إلى العطاء
نعيمة وزوجها بالأصل يعملان في زراعة الخضروات في سوريا، لكنهما صمّما على أنْ يكونا مزارعي خضروات في كندا، ومنذ وصولهما إلى كالغاري منذ حوالى أربع سنوات، وبعد 3 أيام من حياتهم في كندا، بدآ في تجربة الزراعة بالفناء الخلفي الجديد، واليوم يزرعان حوالى 6 أفدان، وينتجان ما يكفي من الخضروات لتقديم تبرّعات منتظمة إلى “بنك كالغاري للطعام”، كما يتطلّعان إلى التوسّع أكثر.
فبعدما كانت الأسرة تعتمد عند وصولها إلى كندا على المنظّمات المجتمعية، لتأمين حاجاتهم اليومية، أصبحت اليوم تقدم على سبيل المثال بتسليم 317 كيلوغراماً من البنجر والبصل الأخضر إلى بنك الطعام بعد قطفهما في منتصف أيلول / سبتمبر الماضي، وعلى مدى السنوات الأربع الماضية، تبرّعت الأسرة بما قيمته 952 كيلوغراماً من الخضروات الطازجة، وفقاً لما ذكرته شونا أوغستون، المتحدّثة بإسم المؤسسة الخيرية.
وأوضحت أوغستون أنّ “الفواكه والخضروات تشكل 40% من احتياجاتنا، وعادةً ما نشتري الطعام الطازج، لكن هدايا الأسرة السورية أصبحت اليوم أساسية وذات قيمة خاصة”.
ميلاد المشروع
بدأ الضاهر في نشر الصور على وسائل التواصل الاجتماعي لفناء منزلهم الخلفي المليء بالخضروات بعد حوالى 3 أو 4 أشهر من وصول الأسرة إلى كندا، وانتشرت الصور على الإنترنت، وفي النهاية التقطت وسائل الإعلام المحلية قصة اليد الخضراء السورية.
وعلى الأثر، اتصل مالك أرض كندي المولد، تربطه صلات بلبنان وسوريا، بالرجل الذي قام بالترجمة للعائلة في المقابلات، وقدّم لهم ركناً من الحقل. وكان على الأسرة أنْ تُعيد إحياء الأرض لجعلها مناسبة للخضروات بدلاً من الحبوب، فبدأوا بتجربة نباتات مختلفة، والتكيّف مع أذواق العملاء الجدّد والمناخ المختلف.
وأوضح الضاهر أنّ هذه الأرض غنية جداً، ويرجع ذلك جزئياً إلى أن موسم الزراعة لا يتجاوز 4 أشهر، مقارنة بـ8 أشهر في سوريا، حيث يقطفون على سبيل المثال الكوسا كل 3 أيام، لكن هنا في ألبرتا يمكن قطافها كل يوم.
يأتي الزبائن من كل أنحاء البلد يجلبون أطفالهم، الذين يلعبون مع أطفال المزارعين: عائشة، ربيع، عبير، منذر وهايل، بينما الكبار يتسوقون، ويمكن للزوار اختيار الخضار الخاصة بهم أو جعل الأسرة تجمعها لهم: معظم المنتجات تكلف 5 دولارات للكيلوغرام. البقدونس هو 2 دولار للباقة. البنجر 50 سنتاً.
ويقول محمد الضاهر: “كان هذا العام رائعاً.. نما ما بين 6800 و9100 كيلوغرام من الطعام، وحصلنا على تصريح لمنتجات العام الماضي ونأمل بالتوسع”.
سام نمورة
سام نمورة (المؤسِّس المشارك لجمعية كالغاري لدعم المهاجرين، والمترجم الذي ربط العائلة بمالك الأرض)، قال: “الناس في مجتمع المهاجرين شككوا في قدرات نعيمة وزوجها، ولم يأخذانهما على محمل الجد، خصوصاً أن محمد الضاهر كان يهتم بإمكانيات التربة، فظنّوا أنّه يضيع وقته في الحقل، بينما كان ينبغي عليه تحسين مهاراته في اللغة الإنجليزية في الفصل، فأثبت محمد العكس للكل”.
وأشار نمورة إلى أنّ “الفضل في ذلك يعود للداعمة الأولى، وللقوة الدافعة وراء المشروع، وهي الزوجة السند”، مثنياً على مهاراتها التجارية القوية “فهي السبب الأول وراء نجاح هذا المشروع”.
المصدر: The Globe And Mail