تشير العديد من التوقعات الاقتصادية إلى أنه من غير المرجح أن تحقق كندا هدفها الطموح بشأن الهجرة لهذا العام، أو حتى بعد انتهاء الوباء، فمن المتوقع ألا تعود أنماط الهجرة لما كانت عليه قبل وباء COVID-19.
وأصدرت التقارير الاقتصادية الأخيرة تحذيراتٍ من أن ذلك ربما يعيق تعافي البلاد، وكذلك تعافي البلدان المتقدمة الأخرى، التي تعتمد في الكثير من اقتصادها على المهاجرين.
وفي محاولة من الحكومة الفيدرالية لتعويض الوقت الضائع في الوباء، فقد قامت بزيادة هدفها المتوقع، إلى 401 ألف مهاجرٍ لعام 2021، وهو أعلى مستوى على الإطلاق.
ولكن تقريرين جديدين – أحدهما من Royal Bank of Canada “RBC”، والآخر من Capital Economics – يشكّكان في القدرة على تحقيق هذا الهدف.
“أندرو أغوبسوفيتش”، وهو الخبير الاقتصادي في RBC، كتب قائلاً إن القيود المفروضة على الحدود، “ستظل ساريةً في المستقبل المنظور”، إلى جانب تدابير الحجر الصحي المقررة، “وقد لا يكون السفر إلى كندا ممكناً للعديد من المهاجرين المحتملين”.
لهذا السبب، يتوقع “أغوبسوفيتش” أن يصل ما لا يزيد عن 275000 مهاجر إلى كندا في هذا العام، وذلك فقط إذا ما عادت الأمور إلى طبيعتها في النصف الثاني من العام.
يذكر أنه كندا استقبلت في عام 2020، 184000 مقيمٍ دائمٍ جديد، أي أكثر بقليل من نصف الهدف الذي بلغ آنذاك 341000 مهاجر، بحسب ما أشار الخبير الاقتصادي في RBC.
وكتب “أغوبسوفيتش”: “نظراً لأوقات التأخر، يجب أن نتوقع أن يؤثر هذا الانخفاض على المستويات، حتى عام 2022 على الأقل”.
الحكومة الفيدرالية واثقة من تحقيق هدفها
لكن الحكومة الفيدرالية تزال تثق بقدرتها على تحقيق أهدافها في السنوات العديدة القادمة.
وقال متحدث باسم الهجرة الكندية “في يناير/كانون الثاني 2021، قمنا باستقبال ما يقارب 10% من المقيمين الدائمين الجدد، وذلك أكثر من يناير 2020، عندما لم يكن هناك جائحة”.
وأضاف: “لقد قلب الوباء الهجرة العالمية رأسا على عقب، وبالرغم من ذلك، فقد اتخذنا إجراءات سريعة، وقطعنا شوطاً طويلاً منذ ظهور الوباء، حيث قمنا بتوفير موارد إضافية إذا ما اشتدت الحاجة إليها، وقمنا بتبسيط عملياتنا، ودعم أنظمة النسخ الاحتياطي. وبفضل هذه التدابير الجديدة، فإن حجم القرارات النهائية يقترب من مستوياتِ ما قبل الجائحة. ”
الهجرة ليست ما كانت عليه من قبل:
ولكن حتى بعد الوباء، قد تبدو الهجرة مختلفة عما كانت عليه من قبل.
وقالت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD) في توقعات الهجرة في الخريف الماضي: “هناك إشاراتٌ قويةٌ على أن إمكانية التنقل لن تعود إلى المستويات السابقة، وذلك لبعض الوقت”.
وتضيف المنظمة: “يرجع هذا إلى ضعف الطلب على العمالة، والقيود الصارمة المستمرة على السفر، فضلاً عن الاستخدام واسع النطاق للعمل عن بُعد بين العمال ذوي المهارات العالية، والتعلم عن بُعد من قبل الطلاب”.
“أغوبسوفيتش” قال ” أن طلبات الإقامة الدائمة إلى كندا قد انخفضت أكثر من 50% في عام 2020، وفي حين أن جزءاً من ذلك يتعلق بإغلاق مراكز معالجة التأشيرات في جميع أنحاء العالم، إلا أنّ الأمر يتعلق أيضاً بـ “تدهور الظروف الاقتصادية في كندا”.
وقد تساءل بعض الاقتصاديين، مثل “ميكال سكوتيرود” من جامعة واترلو، عن مدى منطقية هدف الهجرة المرتفع، في هذا الوقت الذي فقدت فيه كندا ما يقارب 850 ألف وظيفةٍ خلال العام الماضي فقط.
وأعرب عن قلقه من أن يؤدي قدوم الوافدين الجدد إلى تضخم أعداد العاطلين عن العمل في فترة ما بعد الوباء.
حيث تُظهر البيانات، أن المهاجرين قد تعرضوا لأكبر الضربات بسبب عمليات الإغلاق المرتبطة بالوباء.
وكتبت منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي: “في جميع البلدان التي تتوافر عنها بيانات، زادت بطالة المهاجرين الجدد أكثر من أقرانهم المولودين في البلد”.
ففي السويد، وقع ما يقارب 60% من المهاجرين في فخ البطالة”.
ويشير التقرير أيضاً، إلى أن هؤلاء المهاجرين غالباً ما يكونون في الخطوط الأمامية لجهود مكافحة فيروس COVID-19. فمن بين الدول الأعضاء الـ 37 المتقدمة والنامية، والنتسبة لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، والتي تشمل كندا، فإن المهاجرين يمثلون مهاجراً من كل أربعة أطباء، ومهاجراً من كل ستة ممرضات.