أثار تقرير جديد صادر عن هيئة الإحصاء الكندية حول زيادة حالات الشعور بالوحدة بين المهاجرين دعوات للحصول على بيانات إضافية و اتخاذ إجراءات لمعالجة المشكلة.
و في تقريرٍ صدر مؤخراً عن الوكالة الفيدرالية فحص الباحثون البيانات التي تم جمعها خلال المسح الاجتماعي العام لعام 2018 بالإضافة إلى المعلومات من خلال مصادر أخرى لتقييم الشعور بالوحدة بين المهاجرين و أولئك الذين ولدوا في كندا.
حيث أفاد المهاجرون الجدد عن مستويات أعلى من الشعور بالوحدة مقارنة بالكنديين المولودين في البلاد، و علاوةً على ذلك لا يبدو أن طول مدة الإقامة في كندا يخفف من الشعور بالوحدة حسب ما جاء في التقرير :
” بالنظر إلى تداعيات الصحة العقلية والجسدية للوحدة فإن اكتشاف أن المهاجرين يبلغون عن مستويات أعلى من الشعور بالوحدة قبل COVID-19 يبرر استمرار الاهتمام في السنوات القادمة مع تعافي كندا من الوباء “.
و عند تقييم المعلومات التي تم جمعها وجد الباحثون حالات مماثلة تم الإبلاغ عنها ذاتياً بين الأحدث ( 10 سنوات أو أقل في كندا ) و المهاجرين على المدى الطويل، و قد أبلغت كلتا الفئتين عن شعور بالوحدة أكثر من أولئك المولودين في كندا و الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و 64 عاماً.
و تابع التقرير : ” هذه الفروق الإجمالية بين المهاجرين و الكنديين المولودين كانت ذات دلالة إحصائية، و مماثلة في الحجم للاختلافات بين المولودين في كندا بدخل أسرة منخفضة ( 39999 دولار أو أقل ) و متوسطة ( 40 ألف إلى 99999 دولار ) “.
” تغيرت الاختلافات في حالات الشعور بالوحدة المبلغ عنها ذاتياً حسب حالة الهجرة قليلاً عندما تم أخذ الفروق الجماعية في العمر و الحالة الاجتماعية و اللغة الأم و التعليم و الوضع الوظيفي و دخل الأسرة في الاعتبار “.
” لم أتحدث إلى إنسان لأيام ”
و أفاد الباحثون أيضاً إن أولئك الذين لديهم مستويات أعلى من التعليم لديهم حالات أعلى من الشعور بالوحدة وهو عكس أولئك الذين ولدوا في كندا.
” علياء هاكاك” في العشرينات من عمرها و قد تخرجت مؤخراً بدرجة الماجستير في الهندسة المدنية من جامعة تورنتو بعد مجيئها إلى كندا قبل عامين من منطقة كشمير في الهند،
و هو ما يعني أنها قضت معظم وقتها في تورنتو طوال فترة انتشار جائحة COVID-19 و هو أمر -على حد قولها- أثر عليها بشدة :
” لم أتحدث إلى إنسان لأيام، و عندما تحدثت إليهم كان ذلك تفاعلًا بشرياً حقيقياً، لقد تحدثت بالفعل بكلمات إلى إنسان حقيقي .. لم يكن لدي إنسان لأتحدث إليه “.
و مع إلغاء الفصول الدراسية الشخصية إلى حد كبير خلال الوباء قالت هاكاك إنه كان من الصعب تكوين روابط مع زملائها في الفصل حيث تمسك الطلاب بقواعد Zoom و Skype الصارمة :
” جاء الجميع لمدة 15 دقيقة لمناقشة العمل وبمجرد الانتهاء من العمل عاد الجميع إلى حياتهم الخاصة.. لم يتعدى الأمر العمل أبداً “.
” لا أجد أن هذا البلد ربما لديه الكثير ليقدمه لي”
و قالت هاكاك إنها عاشت وسط مدينة تورنتو و انتقلت إلى Scarborough أثناء الوباء و بشكل عام وجدت أن سكان وسط المدينة كانوا أقل عرضة للانخراط في المحادثة مقارنة بالمنطقة في Scarborough التي تعيش فيها الآن، و لكن مع ذلك فإن القدرة على تكوين روابط جديدة كانت محدودة :
” إذا ذهبت إلى أحد المقاهي، فسيكون لدى أمين الصندوق هاتان الثانيتان الإضافيتان لاستقبالي… لم أجد ذلك بالضرورة في وسط المدينة، في شقتي في وسط المدينة لم ألتق بالمالك أما هنا فأنا اتصل به و أرسل له التحية خلال المناسبات، مضيفةً أنه حتى بين رفاقها الخمسة السابقين في السكن الذين كانوا جميعاً من بلدان مختلفة لم يتواصلوا إلا من حين لآخر عبر تطبيق فيسبوك :
” في هذه المرحلة ، ما زلت أفكر في العودة إلى الوطن لأنني لا أجد أن هذا البلد ربما لديه الكثير ليقدمه لي، أنا لا أتحدث عن المهنة فقد أحصل على وظيفة مجزية، بل عن الحياة الاجتماعية و حياة المجتمع التي لم أجدها هنا “.
و قالت سعدية ظفار مديرة برامج تطوير اللغة و المهارات في The Neighborhood Organization و هي وكالة خدمات اجتماعية تقدم خدمات توطين المهاجرين، إنها تتفق مع النتائج عالية المستوى الواردة في تقرير هيئة الإحصاء الكندية :
” إذا سأل شخص ما الوافدين الجدد عما هو مطلوب للاستقرار في كندا فمعظم الوقت تتبادر إلى أذهاننا أشياء مثل الحصول على وظيفة، و تعلم اللغة الإنجليزية، و دفع الإيجار، لكنني أعتقد أن هناك تركيزاً كبيراً على الشعور بالوحدة الذي يواجهه المهاجرون، و حقيقة أنهم يواجهون ذلك في صحتهم العقلية “.
” إنه أمر مرهق حقاً لأنه حتى عندما تنظر إلى الوطن عندما كنت تعيش مع أسرتك و نظام الدعم، فإننا نعتبره أحياناً أمراً مفروغاً منه و لا ندرك أهمية ما إذا كنت في بلد جديد و لا تعرف من يعيش بجوارك “.
و عندما سئلت عن المشاعر العامة التي وصفتها هاكاك و ما إذا كان آخرون قد عبروا عن نفس المشاعر، قالت ظفار :
” نعم إنها تجربة شائعة جداً، بشكل عام عندما تكون جديداً في البلد، فإن إجراء هذه الاتصالات و تطوير العلاقة يتطلب بالفعل الكثير من الجهد، و لكن خلال الوباء أصبح الأمر أكثر صعوبة لأنك تكون معزولاً تماماً “.
و فيما يتعلق بما يجب القيام به بعد ذلك، بينَّ التقرير أن هناك نقصاً في العينات الكافية لا سيما لدى كبار السن الذين قال الباحثون إنهم أكثر عرضة للإصابة بمستويات أعلى من الشعور بالوحدة.
و على الرغم من عدم وجود توصيات محددة منبثقة عن التقرير، فقد طالبوا ببيانات إضافية تبحث في القضية بالإضافة إلى وعي أوسع من أجل احتمالية وضع تدابير لمعالجة الشعور بالوحدة :
” الوحدة مرتبطة بالتوتر و الاكتئاب و القلق و لها عواقب أخرى على الصحة العقلية، و ترتبط الوحدة أيضاً بأمراض جسدية مختلفة مثل أمراض القلب و الأوعية الدموية و ارتفاع مستويات الكوليسترول و ضغط الدم، و زيادة معدلات المرض و الوفيات “.
و قد دعت كلٌ من هاكاك و ظفار إلى بيانات إضافية متعمقة بالإضافة إلى جهود متجددة للمشاركة المجتمعية، حيث قالت هاكاك :
” يبدو أنه شيء صغير، لكن من المهم جداً التفاعل مع الناس في الحياة الواقعية، أريد أماكن يتم فيها الترحيب بالناس ليس على أساس من هم، فقط يسمح للناس بالجلوس معاً و الاستكشاف و التحدث مع بعضهم البعض حول ثقافاتهم وتكوين صداقات، يبدو أنه شيء مهم في الوقت الحالي “.