تمثّل كندا واحدةً من أفضل الوجهات للمهاجرين حول العالم، إلا أن تراكم طلبات الهجرة و أوقات المعالجة المرهقة و قلة التواصل و الشفافية يزيد من إحباط أولئك الذين يسعون لتحقيق حلمهم في الهجرة لكندا.
و أفادت بيانات وزارة الهجرة و اللاجئين و المواطنة الكندية IRCC أنَّ عدد الطلبات المتراكمة زاد إلى أكثر من مليوني طلب من جميع الفئات في شهر نيسان/أبريل مقارنةً بـ 1.8 مليون في آذار/مارس الفائت.
وقال رجل الأعمال meghrajsinh Solanki الذي يقيم في Windsor بأونتاريو أنه واحدٌ من مليوني متقدم لا يزالون طي النسيان.
وأشار إلى أنه ينتظر الموافقة على طلب عائلته للإقامة الدائمة بعد أنَّ قدمه في شهر أيلول/سبتمبر 2019 في إطار برنامج فئة الخبرة الكندية CEC المصمم للعمال من ذوي الخبرة العملية الكندية.
لكنه لم يتلقَّ أي تحديثاتٍ من مسؤولي الهجرة حول حالة طلبه لأكثر من أربعة أشهر، و ليس لديه أي فكرة عن المدة التي يحتاجها للانتظار :
” لقد خططنا للكثير من أجل أن نحصل على حياةٍ جيدة و نربي أطفالنا هنا في كندا، لكن كلَّ أحلامنا تم تأجيلها و تأخيرها، و ليس متناول اليد شيءٌ على الإطلاق”.
و فيما يعيش Solanki في كندا بموجب تأشيرة عمل، فإنَّ زوجته ما تزال تعيش في الهند و لا يمكن لم شملهم حتى يحصلوا على وضع الإقامة الدائمة.
و يرى Solanki أنَّ تجربته مع نظام الهجرة الكندي محبطةٌ للغاية، لدرجة أنه فكر في التخلي عن طلبه و العودة إلى الهند بشكلٍ دائم على الرغم من أنه اشترى منزلاً في كندا :
” إن لم يكن معك من تحب، فليس من المنطقي أن تعيش منفصلاً “.
اجتماع الظروف السيئة
مع ظهور وباء COVID-19 لأول مرة أغلقت IRCC العديد من المكاتب و ألغت المقابلات و احتفالات المواطنة و المواعيد الأخرى مع انتقال موظفيها إلى العمل من المنزل.
و في شهر نيسان/أبريل من العام الفائت أنشأت الحكومة خطةً جديدة للحصول على الإقامة الدائمة لـ 90.000 من العمال المؤقتين الأساسيين و الخريجين الدوليين.
و بعد انهيار الحكومة الأفغانية و استيلاء طالبان على السلطة قدمت كندا برامج خاصة لإعادة توطين ما لا يقل عن 40 ألف لاجئ أفغاني.
و في شهر آذار/مارس أقرّت حكومة ترودو أيضاً تصريح كندا و أوكرانيا للسفر في حالات الطوارئ مما يسمح لعددٍ غير محدود من الأوكرانيين الفارين من الغزو الروسي بالوصول إلى كندا بتأشيرات إقامةٍ مؤقتة.
كلُّ هذا بحسب Stephen Green الشريك الأول في شركة محاماة الهجرة Green and Spiegel LLP خلق اجتماعاً للظروف التي تهيء لتراكم طلبات الهجرة .
وقال Green:” لدينا سياسة هجرة مذهلة، لكن المشكلة هي أننا لا نملك القدرة في الوقت الحالي بسبب تلك العاصفة للتعامل مع أي زيادةٍ في الأرقام، و يتعين علينا حلُّ ذلك على وجه السرعة “.
و كشف عن وجود أكثر من 5000 بطاقة إقامة دائمة حالياً في Etobicoke بأونتاريو بانتظار توزيعها، و أنَّ بعض المقيمين الدائمين موجودينَ في الخارج و ينتظرون أكثر من عام.
وأشار إلى أنَّ الوقت اللازم لمعالجة طلبات العلاقات العامة يستغرق وقتاً طويلاً لدرجة أن الكثير من الناس يفوتون مواعيدهم.
كما تظهر البيانات أنه حتى بالنسبة للمقيمين الدائمين ممن هم على وشك الحصول على الجنسية الكندية فإنَّ أوقات المعالجة استغرقت 27 شهراً في المتوسط.
اوقات الانتظار الطويلة
التأخيرات الطويلة قد تدفعُ المتقدمين إلى تأجيل بعض الأحداث و القرارات الحرجة، بينما يستمرون في انتظار قرارات مسؤولي الهجرة.
إذ أنَّ أوقات المعالجة غالباً ما تكون غير متسقة بين المتقدمين، و بالنسبة للبعض يمكن أن تستغرق العملية وقتاً أطول بكثير.
حيث اضطرت Caroline Haiashi و أطفالها للعيش بعيداً عن زوجها في البرازيل، و الذي لا يمكنه الانضمام إليهم حتى تحصل الأسرة على الإقامة الدائمة بعد أن تقدمت بطلب الحصول عليها منذ شهر آيار/مايو من العام الماضي.
و تقول Haiashi التي تعمل في مجال الرعاية الصحية في أونتاريو أن ابنها في الصف الثاني عشر لا يمكنه الالتحاق بالجامعة أو الكلية لأنه لا يستطيع دفع الرسوم الدراسية الدولية الباهظة دون حصول العائلة على الإقامة الدائمة.
قلة التواصل و الشفافية
بالنسبة إلى Solanki فإن أسوأ جزءٍ في تجربته في التعامل مع بيروقراطية الهجرة في كندا ليس أوقات المعالجة الطويلة، بل نقص التواصل من مسؤولي الهجرة حول الوقت الذي يتوقع فيه الإجابة.
وأوضح:” المشكلة ليست الانتظار، المشكلة الحقيقية هي أنهم لم يخبرونا حتى بمدة الانتظار، مما جعل حياتنا غامضة لأنَّ كل قرارٍ في حياتنا يعتمد على ذلك “.
و قال Alex Fomcenco محامي الهجرة لدى Lewis and Associates أنه سمع الكثير من القصص المشابهة حيث يمكن للمتقدمين الوصول إلى خطِّ المساعدة، و لكن غالباً ما ينتهي بهم الأمر ببريدٍ صوتي يقول إنه لا يوجد وكلاء متاحون.
وقال:” النظام يزداد سوءاً كلَّ يوم، و تسأل نفسك ما إذا كانت هذه الحكومة تعيش في فقاعة لأنها منفصلة تماماً عن الواقع “.
و ذكرَ solanki أن IRCC أخبروه أنهم لا يستطيعون الإجابة على أي أسئلة حول طلبه، و أنه كان عليه الاتصال بمكتب تأشيرات نيودلهي من خلال نموذج ويب.
و عند اتصاله بمكتب التأشيرات كان الرد الوحيد الذي حصل عليه هو رسالةُ بريدٍ إلكتروني يخبره بتوقع التأخير بسبب COVID-19.
ما هو الحل ؟
قال Rémi Larivière مستشار العلاقات الإعلامية في IRCC أن التأخير يرجع جزئياً إلى إغلاق العديد من مكاتب المعالجة و مراكز طلبات التأشيرات خلال وباء COVID-19.
والجدير بالذكر أنَّ الحكومة الفيدرالية التزمت بتخصيص المزيد من الموارد لمعالجة قضايا الهجرة في التحديث الاقتصادي والمالي لعام 2021.
حيث تلقت IRCC تمويلاً إضافياً قدره 85 مليون دولار لتقليل أوقات الانتظار، و الذي قال وزير الهجرة Sean Fraser أنه سيستخدم بشكلٍ أساسي في تعيين المزيد من الموظفين.
كما خصصت أوتاوا 2.1 مليار دولار في ميزانيتها لعام 2022 على مدى خمس سنوات لدعم معالجة و استقرار المقيمين الدائمين الجدد في كندا، و 317.6 مليون دولار في التمويل الجديد.
في غضون ذلك، أشار Green إلى أن مستوى الإحباط بين المتقدمين مرتفعٌ للغاية لدرجة أن الناس يذهبون إلى المحكمة الفيدرالية الكندية في محاولةٍ لإجبار الدائرة على معالجة الطلبات.
و بحسب بيانات IRCC المقدمة إلى وسائل الإعلام الكندية فقد تمت إحالة 445 طلباً إلزامياً من قبل المحكمة منذ عام 2021 اعتباراً من 28 شباط/فبراير.
و تكشف أحدث الإحصائيات أن عدد الأشخاص الذين يلجأون للقضاء ليصبحوا كنديين جدد قد تضاعف سبع مرات في السنوات الثلاث الماضية.