مع عودة الكثير من الكنديين الملقحين بالكامل إلى الوضع الطبيعي قبل الجائحة، يتساءل البعض، ما الذي يجب فعله تجاه أولئك الذين لم يحصلوا على التطعيم، لأي سببٍ كان؟
تحقيقُ التوازن بين الصحة العامة والحرية الشخصية، ووجوب التخلي عن أحدهما لأجل الآخر، سيصبح أمراً أساسياً مع إعادة فتح البلاد.
بالنسبة للكثير من الولايات القضائية والمؤسسات، فإن الحل لديهم هو جواز سفر اللقاح، وهو وثيقة يظهرها حاملها كدليل على تلقيه تطعيماً ضد COVID-19 ليحصل على حرية الحركة.
من جهة أخرى، قد يُحرم من لا يستطيع تقديم هذه الأدلة، ممن لم يتلقوا اللقاح، من الوصول إلى الشركات والرحلات الجوية، والمساكن الجامعية، على سبيل المثال لا الحصر.
في الشهر الماضي، أعلنت Manitoba عن تقديمها بطاقات تحصين للسكان الذين تم تطعيمهم بالكامل، وهذا يسمح لهم بالسفر محلياً دون اضطرارهم لعزل أنفسهم عند العودة.
وفي مايو/أيار، أعلنت جامعة Western في لندن، أنها ستطلب تقديم دليل على التطعيم من الطلاب الذين يعيشون في السكن الجامعي.
وفي الشهر ذاته، قالت وزيرة الصحة Patty Hajdu، أن حكومتها تحدثت مع حلفائها في مجموعة السبع، حول تنفيذ جواز سفر لقاح يسمح للكنديين المحصنين بالكامل، باستئناف السفر الدولي، في حين بدأت كيبيك تصدر رموز QR كدليل رقميّ على التطعيم.
حذر علماء الأخلاقيات، وجماعات الحريات المدنية، من أن مثل هذه الخطوة من شأنها أن تقسم المجتمع لمستويين، حيث يستفيد من تمّ تطعيمهم ويُنبذُ من لم يتم تطعيمهم.
المخاطر المحتملة لجوازات سفر اللقاح
* السؤال عن الإنصاف:
بالنسبة إلى Arthur Schafer، المدير المؤسس لمركز الأخلاق المهنية والتطبيقية في جامعة Manitoba في Winnipeg، فإن جوازات سفر اللقاح هي أمر لا مفرّ منه، ولكنه يقول: “فشلت الحكومة الفيدرالية في توفير إرشاداتٍ واضحةٍ للمقاطعات، ومسؤولي الصحة العامة، حول كيفية إدارة جوازات السفر. كان يتوجب إنشاء تطبيقٍ عبر الإنترنت، وبطاقةٍ بلاستيكية، وإصدار نموذجٍ للمقاطعات لتتبعه”.
وأضاف: “إذا كنا نحثّ الناس على التطعيم، ونعدهم بأن اللقاحات آمنة وفعالة، فليس من المنطقي القول أن عليكَ الالتزام بنفس لوائح الأشخاص الذين لم يتلقوا اللقاحات”.
يقول Schafer أن النظام العادل، سوف يضمن إقامةً معقولة لمن لم يتم تحصينهم، ويشير إلى أنهم ليسوا جميعاً من مناهضي التطعيمات. لكن ربما بعضهم يتناولون أدويةً مثبطةً للمناعة، على سبيل المثال، أو أن البعض الآخر لديه مخاوف مشروعة بشأن سلامة وفعالية لقاحات COVID-19، أو غيرها من الأسباب.
تابع قائلاً: “يجب أن نستوعب الأشخاص الذين لديهم اعتراضات، سواء أكانت علمية أو حتى دينية، حيث يمكننا القيام بذلك دون المساس بالسلامة العامة”.
ويتوقع Schafer أن عدم وجود تسهيلاتٍ كهذه، سيسبب رد فعلٍ عنيف.
وقال: “إذا كان هناك طريق بديل متاحاً، فأعتقد أن التحدّي بموجب تشريعات حقوق الإنسان سينجح”.
* السؤال عن الخصوصية:
في مايو/أيار، أصدر مفوضو الخصوصية الفيدراليين، والمقاطعات، والأقاليم الكندية، بياناً مشتركاً حذروا فيه من أن جوازات سفر اللقاح ربما توفر منفعةً عامةً، إلا أنها تعتبر تعدّياً على الحريات المدنية، ولا يجب أن تُنفّذ إلا بعد دراسة متأنية”.
ووفقاً لمفوضة الخصوصية السابق في أونتاريو، Ann Cavoukian، المديرة التنفيذية لـ Global Privacy and Security by Design Center، فلا ينبغي التوقع بأن الكنديين سيتنازلون عن خصوصيّتهم مقابل الصحة العامة.
تقلق Cavoukian بشأن ما يمكن حدوثه لبيانات الصحة الخاصة للأشخاص، بموجب نظام جواز سفر اللقاح.
وقالت: “ستقترن هذه البيانات مع موقعك الجغرافي في جميع أنحاء العالم. إذا كنت مسافراً أو ذاهباً لحضور مباراة كرة قدم، وسيتم تتبع هذه المعلومات، وستكون مراقباً بشدّة”
في بلدانٍ عديدة، تستخدم بطاقات التحصين للوصول إلى خدمات صحية معينة، لكنها الآن مطلوبة فقط للسفر بين البلدان، أو دخول المطاعم، وغيرها.
تشعر Cavoukian بالقلق أيضاً من أن هذا الإجراء، سيعزل أقليّة من الكنديين، في حين أن العديد منهم لديهم أسباب وجيهة لعدم تلقيحهم، وهي أسباب لا ينبغي مطالبتهم بالإفصاح عنها.
قالت: “ما الحلّ، هل ستلقي بهؤلاء الأشخاص جانباً لأجل الصالح العام؟ أنا لا أقول أنه أمرٌ سهل، لكن لا يمكنك القول أنه من أجل الصالح العام، لذلك، انسوا الخصوصية”.
وافقت مقاطعة واحدة على الأقل:
فقد أعلنت Saskatchewan أنها لن تطلب دليلاً على التطعيم من السكان الراغبين بالعودة إلى العمل أو حضور الأحداث، وأشار مسؤولٌ إلى أن ذلك ينتهك قانون حماية المعلومات الصحية في المقاطعة.
تقول Cavoukian: “هناك الكثير من الخوف الآن، والخوف يدفع الناس في اتجاه القيام بالتلقيح، وليس التأكد منه”.
* السؤال عن الحرية:
تقول Cara Zwibel، مديرة برنامج الحريات الأساسية لجمعية الحريات المدنية الكندية، أنّ الأمر كلّه يتعلق بالاختيار.
وأضافت: “يجب أن يكون التطعيم خياراً فردياً، وعلى ذلك، فإذا فرضنا الوصول إلى حقوق معينة، أو الوصول للمشاركة الكاملة في المجتمع، على الأشخاص الذين يتم تطعيمهم، فإن ذلك يعتبر إكراهاً، حيث لا يتم تطعيمك آنذاك لأنك اخترت ذلك. بل تلقيت تطعيمك لأنك شعرت ألّا خيار لديك”
وتابعت بقولها: “فكرة وجوب إظهار إثبات التطعيم الخاص بك في كل مكان تذهب إليه، أعتقد أنها ستغيّر نوع المجتمع الذي نحن عليه”.
ماذا عن الشخص الجالس بجانبك في العمل، أو المدرسة، أو الحافلة؟ أليس لديهم الحق بالعيش في بيئة آمنة؟
قالت Zwibel: “أعتقد أننا نحتاج حقاً للابتعاد عن فكرة حاجتنا لمساحة لا يوجد فيها COVID. يجب أن نهتمّ بتخفيف هذا الخطر قدر الإمكان، وتجنب عودة مستشفياتنا للاكتظاظ، ولكنني أعتقد أن COVID بات هو مجرد خطرٍ آخرٍ يتعين علينا دمجه في حياتنا اليومية”.
واختتمت حديثها قائلةً: “إذا فكرنا بالكشف عن حالة التطعيم الخاصة بك إلى شخص ما في المطعم، والشخص الذي يأخذ تذاكرك في السينما، والشخص الذي يقوم بفحص الباب في محل البقالة، فهذا نوعٌ جديدٌ من مراقبة السكان. أعتقد أن علينا التفكير في النتيجة التي نحققها من القيام بذلك، قبل القيام به”.