تُحقق البنوك الكندية الكبرى اليوم أرباحاً أكبر مما كانت عليه قبل جائحة كورونا، ويقول بعض المدافعين عن المستهلكين أنه يتوجب على البنوك أن تتحمل المزيد من تكاليف دعم الأسر، والشركات المتعثرة.
وهم يدعون كندا لأن تحذو حذو أستراليا، وبريطانيا، في سياسة فرض ضرائب على “الأرباح الزائدة” للبنوك، بينما يحثّون المُقرضين على تخفيض عملائهم في وقت الأزمة.
اعتباراً من منتصف نهار الجمعة، وقّع ما يقارب 80 ألف شخصاً، على عريضة كانت قد نظمتها “منظمة مراقبة الديمقراطية”، تطالب البنوك بأن تخفض أسعار الفائدة للمستهلكين إلى النصف، وأن تعلّق سداد الديون لمن يحتاجها.
تدعو العريضة أيضاً لوضع حد أقصى لرواتب الرؤساء التنفيذيين للبنوك، والقيام بعمليات تدقيق مستقلة لدفاتر البنوك، وذلك لمعرفة مقدار الربح الذي يتقاضونه في كل قسم من أعمالهم، حيث يقول المدافعون عن المستهلك، أن هذه الخطوة ستكشف عن “التلاعب” أينما وجد.
بطاقات الائتمان منطقة التلاعب
“داف كوناشر”، وهو الشريك المؤسس لمنظمة Democracy Watch، قال أنه من الواضح جداً أن أسعار الفائدة على بطاقات الائتمان هي منطقةٌ للتلاعب. حيث قال: “انخفض سعر الإقراض الرئيسي للبنوك، بنحو سبع نقاط مئوية منذ عام 2010، وانخفضت أسعار بطاقات الائتمان بنسبة 0%.”
البنوك الستة الكبرى في كندا، جمعت ما مقداره 13.9 مليار دولار من الأرباح في الربع الأول من العام المالي 2021، والذي انتهى في 31 يناير/كانون الثاني، بزيادة حوالي 14% عن نفس الفترة من العام السابق، أيْ قبل بدء عمليات الإغلاق بسبب الوباء.
وشهدت كل من البنوك الستة الكبرى ارتفاعاً في أرباحها، يترأسها بنك CIBC بزيادة 34 %، وبنك مونتريال بزيادة بنسبة 27 %.
وكان جزء كبير من هذه الزيادة قد جاء من التداول – وذلك بفضل ازدهار سوق الأسهم – ومن المخصصات الأقل بكثير لخسائر القروض.
أظهرت الخدمات المصرفية للأفراد – وهي جزء من أعمال البنوك التي تتعامل مع المستهلكين العاديين – نمواً بسيطاً على مدار العام.
لفرض ضريبة على الأرباح
كما اقترحت بعض الأصوات، مثل الحزب الديمقراطي الجديد NDP، فرض ضريبةٍ مؤقتةٍ على الأرباح الزائدة للشركات التي تشهد مكاسب غير متوقعة خلال الوباء. بينما يودّ “كوناشر” أن يشهد فرض ضريبةٍ دائمةٍ جديدة على البنوك، تشبه تلك التي فرضتها المملكة المتحدة وأستراليا في السنوات الأخيرة.
حيث أن المملكة المتحدة تفرض رسوماً إضافية بنسبة 8% على أرباح البنوك، بينما فرضت أستراليا في عام 2017 ضريبة إضافية على المبلغ الإجمالي للإقراض، على دفاتر البنوك الأربعة الكبرى لديها، بحيث تصل تلك الضريبة إلى حوالي 10% من أرباحها.
وقال “كوناشر” إن وجود قوانين مشابهة لهذه القوانين، هي طريقة للاعتراف بأن البنوك لديها حصة هائلة في السوق وأنها تقوم بالتلاعب.
وبدلاً من وضع حدٍّ تعسفي لأسعار الفائدة على بطاقات الائتمان، كما فعلت بعض الولايات الأمريكية، يرى “كوناشر” أنه من الأفضل أن تقوم البنوك بعمليات تدقيق مستقلة لدفاترها، توضح فيها بالضبط مقدار الأموال التي تجنيها في كل قسم من أقسامها، وهو أمر لا يتعين عليها القيام به بموجب قوانين إعداد التقارير الحالية.
وأضاف: “إذا ما أصدر المدقق العام تقريراً يظهر هامش ربحٍ بنسبة 2000% في جزء من أعمال البنك، فسيكون الناس غاضبين جداً. وستنخفض أسعار الفائدة في اليوم التالي”.
بعض المُقرضين الكنديين كانوا قد عرضوا تقديم بعض الدعم الطارئ لعملائهم من الأفراد في بداية الوباء، حيث قاموا بتخفيض أسعار بطاقات الائتمان لحوالي 11%، من نطاقهم البالغ 20%، وذلك للعملاء الذين يواجهون مشاكل مالية.
كما سمحت بعض البنوك بتأجيل أقساط الرهن العقاري لمدة تصل لستة أشهر، الأمر الذي استفاد منه 15% من مقترضي الرهن العقاري في ذروة الصيف الماضي. ولكنّ الفائدة بقيت تتراكم على تلك الرهون العقارية، مما يعني أن المقترضين سينتهي بهم الأمر لدفع أكثر مما كانوا سيدفعون في البداية.
التمييز في الإقراض:
تدعو منظمة مراقبة الديمقراطية في أوتاوا، لكي تلحق كندا بالولايات المتحدة، بشأن القوانين المناهضة لممارسات الإقراض التمييزية.
كما تطالب المجموعة، أن تتم مراجعة حسابات البنوك، من أجل الكشف عن الإقراض حسب العرق والجنس والحي.
وقال “كوناشر”، “إذا ما حدث ذلك، أعتقد أننا سنجد أنماطاً تمييزيةً للإقراض على أساس العرق، بما فيها ضد الأشخاص الساخطين، وعلى أساس الجنس”.
وسنرى أيضاً أن البنوك تقوم بأخذ المال من بعض الأحياء، ولا تقرضها.
ويشير “كوناشر” إلى أن كندا ليس لديها قانوناً يشبه قانون إعادة الاستثمار المجتمعي الأمريكي، وهو قانون صدر عام 1977، يطلب من البنوك الكشف عن مقدار الإقراض الذي تقوم به في الأحياء ذات الدخل المنخفض، ويقوم بتصحيح الوضع إذا لم يقوموا بإعادة الاستثمار في مجتمعات معينة حيث لديهم عملاء.
كما يدعو “كوناشر” الحكومة الفيدرالية لمطالبة البنوك بإعادة افتتاح فروعٍ جديدةٍ في الأحياء ذات الدخل المنخفض، والتي كان قد سُمح لها بإغلاقها في التسعينيات، في عهد وزير المالية آنذاك “بول مارتن”. وأكد أن فروع البنوك هذه، كثيراً ما تم استبدالها بمقرضين مفترسين. وقال: “تتجول في تورنتو، يوجد الكثير من Money Marts في مواقع فروع البنوك السابقة. لقد تدخلوا للتو، إنه أمر سخيف “.
لم يردّ مكتب وزيرة المالية “كريستيا فريلاند” على الفور على طلبٍ للتعليق على هذه القصة.
وكان الليبراليون قد تعرضوا لانتقادات من اليسار بشأن قضية البنوك، حيث قال الحزب الديمقراطي في الصيف الماضي، Yن الحكومة لم تقم بجهدٍ يذكر لمنع البنوك من “التربّح” في ظل الوباء.
,قال “بيتر جوليان”، وهو الناقد المالي لحزب NDP “خلال الحرب العالمية الثانية، كانت هناك قوانين ضد التربّح”. وأضاف: “نحن بحاجةٍ إلى قيادةٍ مماثلةٍ من قبل الحكومة الفيدرالية في هذا الوقت الحرج”.