تعالت الأصوات التي تدعو الحكومة للسيطرة على سوق الإسكان مع وصول أسعار المنازل في كندا إلى مستوياتٍ قياسية.
وقد حذّرت العديد من البنوك الكندية الكبرى من هذه المشكلة مؤخراً، حيث قال Robert Hogue من بنك RBC Economics: “هذه الأسواق المحمومة تهدد بزعزعة استقرار الاقتصاد في المستقبل، ومن المحتمل أن تتكبد الحكومات خسائر فادحة”.
وأضاف Robert Kavcic، كبير الاقتصاديين في شركة BMO: “يجب على صنّاع القرر أن يتحركوا بشكل فوري لمعالجة تقييمات العقارات المرتفعة قبل أن يتعرض السوق لعواقب أكثر خطورة”.
هذا وقد ارتفع متوسط سعر المنزل في كندا بنسبة 25٪، و وصل إلى مستوى قياسي بلغ 678.091 دولار. ولا يُظهر جنون الإسكان أي علامة على التباطؤ، حيث تتوقع CREA أن يستمر متوسط سعر المنزل في الارتفاع بسرعة في عام 2021.
وعلى الرغم من أن ازدهار سوق الإسكان تركّز حول المدن الكبرى في السابق، وخاصة فانكوفر وتورنتو، إلا أن حمى الإسكان الحالية اجتاحت الدولة بأكملها، مع تسجيل أعلى زيادات في المجتمعات الأصغر والمقاطعات منخفضة التكلفة.
ففي ريف أونتاريو على سبيل المثال، ارتفعت الأسعار في منطقتي Tillsonburg و Woodstock-Ingersoll بأكثر من 35٪ مقارنةً بشهر فبراير/شباط من العام الماضي. و ارتفعت الأسعار أيضاً بنسبة 28٪ في Moncton و 16٪ في Chilliwack و بريتيش كولومبيا.
كما عبّر المحللون عن قلقهم بشأن المضاربة وقرارات الشراء على أساس خوف المشترين من تفويت الفرص، على الرغم من أن السبب في فورة الإسكان الوبائي كان يعود في البداية إلى الكنديين الذين يتوقون إلى مساحات وحدائق خلفية أكبر.
وأكد Kavcic أن الحكومة حالياً بحاجة لاتخاذ إجراء قادر على تغيير عقلية البائع والمشتري في نفس الوقت، وطمأنتهم بأن الأسعار لن ترتفع مجدداً.
ويوجد شكوك بأن أسعار الفائدة المنخفضة للغاية هي السبب وراء الارتفاع الكبير في أسعار المساكن حالياً. ولكن تعديل سعر الفائدة في كندا هو من اختصاص بنك كندا وليس الحكومة. وأوضح البنك المركزي أنه لن يرفع أسعار الفائدة في القريب العاجل، خصوصاً مع بقاء الاقتصاد بعيداً عن مستويات النشاط التي تسبق الوباء.
كما ستعلن حكومة ترودو عن إجراءات جديدة تهدف إلى ضبط سوق الإسكان الكندي الجامح، بالتزامن مع استعداد الحكومة الفيدرالية للإعلان عن أول ميزانية لها منذ عامين في 19 أبريل/نيسان.
وقالت سكرتيرة مكتب نائب رئيس الوزراء ووزيرة المالية Katherine Cuplinskas: ” نحن نواصل مراقبة صحة واستقرار سوق الإسكان عن كثب. لكن لا يمكننا التعليق على ما قد يكون أو لا يكون في عين الاعتبار لميزانية 2021 القادمة”.
وقد تدخلت أوتاوا عدة مرات على مدار أكثر من 10 سنوات لتهدئة أسعار المساكن بشتى الوسائل، بدءاً من رفع متطلبات السداد إلى اختبار إجهاد الرهن العقاري، مما يقلل من المبلغ الذي يمكن للمشترين اقتراضه من المقرضين الخاضعين للتنظيم الفيدرالي.
الكنديون قلقون لارتفاع أسعار المنازل والبنك المركزي لن يتخذ أي تدابير لكبح الأسعار
كيف يمكن للحكومة الفيدرالية أن تتصرف؟
نورد لكم فيما يلي أربعة من الأفكار الكبيرة التي ناقشها الخبراء العقاريون:
• ضريبة مضاربة وطنية
طرحت الحكومة الليبرالية فكرة فرض ضريبة على مالكي المنازل الأجانب الذين يعيشون خارج كندا كجزء من خطة لخفض أسعار المساكن.
وهي فكرةٌ قادتها بعض المقاطعات مثل بريتيش كولومبيا وأونتاريو و جزيرة Prince Edward ، إلا أن John Pasalis، رئيس Realosophy Realty في تورنتو، يؤكد إن النشاط الحالي للمستثمرين العقاريين يهيمن عليه المستثمرون المحليون.
وأضاف Pasalis: “يجب توجيه كافة السياسات التي يتم وضعها نحو المستثمرين بغض النظر عما إذا كانوا محليين أو أجانب”.
كما يمكن أن تفرض أوتاوا ضريبة على مبيعات العقارات السكنية مع انخفاض المعدل تدريجياً إلى الصفر على مدى خمس سنوات من امتلاك العقار لإبعاد المشترين عن شراء العقارات بهدف بيعها بعد فترة قصيرة وجني الأرباح من الارتفاع السريع.
وكتب Kavcic في التقرير: “يمكن أن يؤدي ذلك إلى استبعاد المضاربات وتغيير عقلية البائع والمشتري بسهولة دون أن يكون لهذا الإجراء أي تأثير على المشترين على المدى الطويل”.
وقالت Diana Petramala ، كبيرة الاقتصاديين في مركز الأبحاث الحضرية وتطوير الأراضي في جامعة Ryerson، إنه يجب على أي ضريبة مضاربة وطنية أن تتجنب التركيز على المبيعات المتكررة السريعة للغاية. وأشارت إلى ندرة حالات المستثمرين الذين يشترون منازل لإعادة بيعها بعد ستة أشهر إلى عام. وأكدت أن عمليات إعادة بيع المنازل شائعة بعد فترة عام أو عامين من شرائها.
• تعديل ضريبة أرباح رأس المال
يشير مصطلح مكسب رأس المال إلى بيع الشخص لمنزله بمبلغ أكبر من الذي دفعة عند الشراء. ويتعين على الكنديين حالياً دفع ضريبة على مكاسب رأس المال على الاستثمارات مثل الأسهم والعقارات، باستثناء مساكنهم الأساسية. و تنطبق ضريبة الأرباح الرأسمالية فقط على المساكن الثانوية (منازل العطلات والعقارات الاستثمارية على سبيل المثال).
وقالت Petramala إن توسيع ضريبة أرباح رأس المال لتشمل المساكن الأولية سيكون مشكلة لأن المنزل يعتبر أكبر استثمار يمتلكه العديد من الكنديين.
وأضافت أن هذا الإجراء قد يؤدي إلى نتائج عكسية بالنسبة لجيل الشباب، بالإضافة إلى ثني مالكي المنازل الأكبر سناً عن تخفيض أو إخلاء عقارات كندا الشحيحة بالفعل.
لكن ومع ذلك، يمكن للحكومة أن تنشئ ضريبة المضاربة كضريبة خاصة على أرباح رأس المال للمبيعات قصيرة الأمد. ما يعني أن الأشخاص الذين يجنون الأرباح من خلال شراء العقارات وبيعها بعد فترة زمنية قصيرة لن يحصلوا على أرباح كبيرة.
وسيتعين على مالكي المنازل دفع ضريبة أرباح رأس المال إذا قاموا ببيع منزلهم الأساسي بسعر أعلى في غضون بضع سنوات. أما بالنسبة للمنازل غير الرئيسية، سيتعين على المالكين دفع مكاسب رأسمالية بمعدل أعلى مما يدفعونه حالياً.
ومن المحتمل أن يكون لضريبة أرباح رأس المال الحالية على المساكن غير الأولية، دون استهداف عمليات إعادة البيع على المدى القصير على وجه التحديد، تداعيات كبيرة غير مرغوب فيها.
وقال Kavcic:”يحتمل أن يؤدي هذا الإجراء إلى تثبيط كافة أشكال الاستثمار العقاري، حيث سيقلل من الحافز لامتلاك عقار للإيجار على المدى الطويل ، والذي يمكن أن ينعكس سلباً على الإيجارات”.
• تشديد لائحة الرهن العقاري
أيد Kavcic تشديد معايير الرهن العقاري. لكنه أشار إلى أن تأثير التشديد التنظيمي سيكون منخفضاً.
وأشارت Petramala إلى أن اختبار إجهاد الرهن العقاري الحالي، الذي يفحص الموارد المالية للمقترضين بناءاً على سعر فائدة أعلى من معدل العقد الذي كانوا مؤهلين له، هو إلزامي فقط للمقرضين الخاضعين للتنظيم الفيدرالي، أي كافة البنوك الكبرى. وأكدت أن تبني الحكومات الإقليمية لقواعد مماثلة بخصوص المقرضين الخاضعين للتنظيم الإقليمي سيساعد نوعاً ما.
كما أن رفع مستوى التأهل للحصول على قرض عقاري سيصعب الدخول إلى السوق على مشتري المنازل لأول مرة.
وعلى سبيل المثال، يمكن لأوتاوا أن تحذو حذو نيوزيلندا التي أعادت مؤخراً قيود الإقراض التي أزالتها بعد بداية الوباء، مما رفع الحد الأدنى للدفعة الأولى المطلوبة لشراء المنازل من قبل المستثمرين العقاريين إلى 30٪ مع وجود خطط لرفع هذا الحد إلى 40٪ ابتداء من مايو/أيار.
ويجب على صنّاع القرار الكنديين توخي الحذر بشأن إدخال تدابير تضر بمشتري المنازل لأول مرة بسبب تفكير الشباب بالهجرة عندما لا يستطيعون تحمل تكاليف المنازل.
• تدابير قصيرة الأمد مع التركيز على الحلول طويلة الأمد
قالت Petramala إن الإجراءات التي تحد من الطلب على الإسكان هي إصلاحات قصيرة المدى لكبح جماح سوق العقارات، وغالباً ما يكون لها تأثير مؤقت فقط. حيث يميل الناس إلى التكيف مع القواعد الجديدة، و لا يمانع البعض أن يقوموا بتوفير النقود لفترة أطول مقابل دفعة أولى أكبر، أو أن يتقبلوا شراء منزل أصغر.
وأضافت Petramala أن كبح الطلب على الإسكان سيوفر لصنّاع القرار الوقت الازم لطرح حلول طويلة الأجل، ما يعني معالجة النقص المزمن للمساكن المعروضة في السوق.