في خطوة مفاجئة أشعلت ساحة السياسة الكندية، أعلن رئيس الوزراء جاستن ترودو، يوم الاثنين، نيته التنحي عن منصب زعيم الحزب الليبرالي ورئيس الوزراء بمجرد اختيار خليفة له، وهذه الخطوة فتحت الباب أمام فترة من التكهنات السياسية والمنافسة الداخلية، حيث يتسابق الحزب الليبرالي الكندي لإعادة تعريف مستقبله.
وأكد ترودو، الذي قاد الليبراليين لعدة سنوات بنجاحات بارزة، ثقته بأن الحزب ما زال قادراً على مواجهة تحدي المحافظين بزعامة “بيير بوليفر”، وطلب من رئيس الحزب الليبرالي الكندي “ساشيت ميهرا” الشروع فوراً في تنظيم سباق قيادة مفتوح، داعياً إلى عملية وطنية قوية تُبرز التنافس الحقيقي بين المرشحين.
بينما يستعد المجلس الوطني للحزب لعقد اجتماع هذا الأسبوع لوضع الإطار الزمني والمعايير لاختيار الزعيم الجديد، تبقى الكثير من الأسئلة حول شكل المنافسة وكيفية تنظيمها.
من الجدير بالذكر أن هذه أول مرة منذ أكثر من عقد يخوض فيها الليبراليون سباقاً على القيادة الفيدرالية، في وقت تختلف فيه الظروف السياسية تماماً، ففي السابق، كان الحزب قد تراجع إلى موقع الحزب الثالث، إلا أن ترودو نُسب إليه فضل إعادة بنائه وتحقيق انتصارات متتالية أعادت الحزب إلى الواجهة.
لكن هذه المرة، يبدو الوضع أكثر تعقيداً، فالليبراليون يواجهون تحدياً مزدوجاً لاستعادة ثقة الكنديين وتجديد خطابهم السياسي بوجه جديد، خاصة في ظل احتمالية الانتقال سريعاً إلى صفوف المعارضة إذا ما فقدوا السيطرة على المشهد السياسي.
تستعد شخصيات بارزة داخل الحزب لخوض سباق القيادة، وسط طموحات بتحقيق تغيير عميق يعيد الكنديين إلى صفوف الحزب، ومع ذلك، قد تتسبب المنافسة في إعادة تشكيل الحكومة الحالية، إذ من المتوقع أن يضطر ترودو إلى إجراء تعديلات وزارية لاستبدال الوزراء الذين يتركون مناصبهم للترشح لقيادة الحزب.
النائب الليبرالي سمير زوبيري عبّر عن تفاؤله بالمستقبل، قائلاً: “لدينا مجموعة مميزة من المتنافسين القادرين على قيادة الحزب والبلاد نحو المستقبل. أنا متحمس لرؤية ما ستقدمه الأسابيع المقبلة”.
فيما يجتمع نواب الحزب هذا الأسبوع في اجتماع طارئ لمناقشة الاستراتيجية المقبلة، يبدو أن هناك إجماعاً على أن سباق القيادة يمثل فرصة لإعادة إحياء الرؤية التقدمية للحزب. ومع ذلك، فإن التحدي الأكبر أمام الزعيم الجديد سيكون الوقت القصير المتاح لإقناع الكنديين برؤيته قبل الاستحقاقات الانتخابية المقبلة.
خطوة ترودو بفتح الباب أمام مرحلة انتقالية تأتي في لحظة حرجة، حيث يسعى الليبراليون لتجنب انهيار حكومتهم الحالية والبقاء على الساحة السياسية بقوة. ومع ارتفاع سقف التوقعات والضغوط، يبدو أن مستقبل الحزب سيتحدد بشكل كبير خلال الأشهر القليلة المقبلة.
بينما يرى بعض النواب في السباق فرصة لتعزيز مكانة الليبراليين، يعتقد آخرون أن التحول يمثل اختباراً حاسماً لإثبات قدرة الحزب على الاستمرار كقوة سياسية مؤثرة. ومع تصاعد الترقب، يتطلع الكنديون إلى معرفة من سيكون الزعيم الجديد الذي سيقود البلاد نحو مستقبل مجهول مليء بالتحديات والفرص.