اخبار كندا : اتخذت الحكومة الكندية مجموعة من الإجراءات غير مسبوقة من حيث النطاق والحجم، لمعالجة آثار إغلاق COVID-19 على التوظيف والدخل والسيولة، فكانت المساعدة حيوية للعديد من العمال والشركات الكندية، وبما أنّ أياً من المتلقين لم يساهم في سبب الأزمة، فقد لا يبدو أن الخطر الأخلاقي يشغل البال، لكن هذا الخطر يتمثل بهجمة من ليسوا بحاجة إلى المساعدة للحصول عليها، دون إفساح المجال أمام من يحتاجها لتتوفر له.
فتحت شعار “الحكومة تساندك” الذي كرره رئيس الوزراء جاستن تروردون مرات عديدة، ارتاح الكثير من الكنديين ممن خسروا أعمالهم ودخلهم. لكن الضمان، الذي تم تقديمه من خلال مزايا الاستجابة للطوارئ الكندية (CERB) والمدفوعات المباشرة الأخرى، أصبح كناية عن تحويلات إلى أسر بلغ مجموعها 65.3 مليار دولار في النصف الأول من هذا العام – 150% من خسائر الدخل الفعلي من العمل للكنديين – وذلك وفقاُ للنشرة الاقتصادية والمالية لشهر تموز / يوليو الصادرة عن دائرة المالية.
التحدي الأخلاقي
يتمثّل التحدي اليوم في أفضل السبل لإعادة تشغيل الاقتصاد بمخاطر الجوائح التي لم يتم حلها، والتي قد تستمر لعدة أشهر إن لم يكن لسنوات. وستتطلب العودة إلى العمل على نطاق واسع ضمانات مناسبة للصحة العامة بما في ذلك الاختبار، التعقب، المسافة الجسدية، الأقنعة وإعادة تصميم مكان العمل، كما سيتطلب الأمر ألا تؤدي برامج الدعم المؤقتة إلى مثبطات غير مقصودة.
ومع ذلك، هذا ما يفعله CERB والتحويلات الأخرى. إذا تمكن العمال من كسب المزيد من الدخل من البقاء في المنزل بأمان، فلا يوجد حافز اقتصادي للعودة إلى قوة العمل. علاوة على ذلك، إذا كان التصور السائد لدى الحكومة يمكن أن يؤمنهم ضد جميع المخاطر طوال الوقت، فقد تكون الاستجابة السلوكية مقاومة للتغيير، بما في ذلك التدريب على وظائف جديدة أو أفضل.
ولمواجهة هذا الخطر الأخلاقي، يجب أن تتحول البرامج من دعم الدخل فقط إلى تعزيز التكيف، وسيكون هذا اختباراً مهماً للتصفية المعلنة للتو من CERB ، مع تغييرات في قواعد الأهلية لتأمين العمل وإجراءات دعم الدخل الجديدة.
الاعتماد على المساعدة
دأبت الحكومة على ضخ الائتمان والمساعدات على نطاق واسع للأعمال التجارية للمساعدة في توفير السيولة للشركات المتضررة من خسائر الإيرادات. ومن الآثار الجانبية الحتمية تراكم المزيد والمزيد من ديون القطاع الخاص فوق مستويات ديون الشركات والأسر التي كانت مقلقة بالفعل قبل تفشي الوباء. مثل العديد من الأدوية القوية، كلما طالت مدّة تناولها، زادت فرصة الإدمان.
ينشأ الخطر من التوقعات بأن بعض المساعدة المؤقتة ستصبح غير محدّدة المدة، وبعض الديون الخاصة سيتم إعفاؤها، وتأميمها بشكل فعال، وذلك نظراً إلى أن المساعدة تستند إلى احتياجات الشركات – وليس على أدائها الاقتصادي – فإن النتيجة غير المقصودة الأخرى ستكون سوء تخصيص كل من رأس المال العام والخاص ، مما يضعف قدرة كندا على النمو على المدى الطويل.
خطة اقتصادية واضحة
تقترض الحكومة مبالغ ضخمة من المال لتمويل تدخلاتها الاستثنائية، بدعم من بنك كندا واستيعاب الأسواق المالية. ومع ذلك، وبفضل أسعار الفائدة المنخفضة تاريخياً، ستنخفض تكاليف خدمة الدين الحكومي في الواقع هذا العام. يبدو الأمر كما لو أن الدين الإضافي، بطريقة سحرية، مجاني والعجز غير المسبوق بلا تكلفة. لكنهم ليسوا كذلك، وهنا تكمن المخاطر الأخلاقية.
لقد أعدنا هيكلة المنزل لتجاوز الوباء، كما ينبغي، ولكن علينا الآن أن ندفع ثمنه، وإلا فإننا نخلق عدم مساواة بين الأجيال من خلال فرض ضرائب فعالة على الأجيال القادمة لمواجهة أزمة اليوم. إن طريقة معالجة هذا الخطر الأخلاقي المعيّن هي خطة اقتصادية ومالية واضحة وذات مصداقية.
يُعيدنا هذا إلى ما كنا عليه قبل COVID-19 ، ولكن بإلحاح أكبر: الحاجة إلى الابتكار وزيادة الإنتاجية والقدرة على المنافسة في الاقتصاد العالمي.
وبينما نمضي قدماً في اتخاذا اجراءات استثنائية تجاه هذه الأزمة فإن تجنب أو تأجيل الإصلاحات الهيكلية المطلوبة لرفع مستوى معيشتنا بشكل مستدام وشامل سيكون أكبر خطر أخلاقي للكنديين.
المصدر: “غلوب آند ميل”