مونتريال غازيت :هو ليس الوحيد، بل كثيرون مثله من الشباب المتعلمين في منطقة الشرق الأوسط، الذين افترسهم وحش الأمل بحياة أفضل لهم ولأسرهم في كندا، فكان أن اصطدموا بشركات تبيع الوهم على طبق من فراغ، وعندما ينجلي الضباب يتبيّن أنّ الحلم سراب، ومَنْ يرسم آمالاً وردية.. رسمها على تراب شاطئ مائج، فردمت الأمواج أحلامه وماله المسروق.
من هؤلاء مهندس لبناني يدير شركة استشارات هندسية في بلده، وقع فريسة شركة وهمية باعته الحلم، وما أن قبضوا منه الدفعة الأولى بقيمة 1000$.. تبخروا اكالغيوم واختفوا ومعهم ضاع حلمه المسروق.
الشاب اللبناني رامي، وقع ضحية شركة وهمية تُدعىMontreal Construction Group ، وهي جزء من شبكة تعمل تحت ستار 3 شركات مترابطة: وكالة توظيف وشركة إنشاءات وشركة استشارية للهجرة. ويقوم العديد من الأشخاص بأدوار مختلفة، من ممثلي الموارد البشرية إلى مديري التوظيف. الوظائف التي يقدمونها والشركات التي يزعمون أنهم يديرونها ليست حقيقية. ورغم أنهم يمتلكون مواقع إلكترونية تحاكي تلك الخاصة بشركات حقيقية وتستخدم الهويات المسروقة لمستشاري الهجرة الحقيقيين إلا أنّ كل ذلك لطمأنة الضحايا إلى شرعيتهم.
حكاية رامي بدأت في تشرين الأول / أكتوبر 2019 ، عندما اتصلت به امرأة ادّعت بأن اسمها ميليسا لوك، و عملت في شركة تدعى Nova Recruiters ، ومقرها في أوتاوا ، وتساءلت عما إذا كان مهتماً بفرصة للعمل في كندا، وعنما كان رده إيجابياً، أرسلت إليه استمارات ورتّبت مقابلة مع Montreal Construction Group.، وبالفعل أجرى عدة لقاءات ومكالمات عبر الإنترنت، حتى أنّ الفترة بين التوقيع والمقابلات استمرت لأسابيع، وكأنهم يريدون الطبخة جاهزة، وفعلاً سرقوا حلمه.
كما أفاد آخرون ممَّن سقطوا – أو كادوا أنْ يسقطوا – في بئر عمليات الاحتيال، بأنّهم لاحظوا أعلاماّ حمراء، خلال اللقاءات، لكنهم في بعض الأحيان يتجاهلونها، وقد أعمتهم احتمالية حياة جديدة في الخارج. ومنهم إسلام عمارة، رجل سعودي لديه 10 سنوات من الخبرة في النقل والخدمات اللوجستية، والذي سرعان ما اكتشف عملية النصب قبل الوقوع في الفخ، ورفض الدفع.
وفيما تتميز العديد من المواقع بالتقنيات الحديثة، والاختصاصيين بالأمور اللازمة لإتمام عمليات النصب والاحتيال، هناك أيضاً مواقع تُكشف بسرعة ولا تصمد، بحيث يقول راغب، من المملكة العربية السعودية: “بغض النظر عن مدى سهولة أو مباشرة عملية الهجرة الكندية، فهي ليست سهلة على الإطلاق. … بعد الاتصال بمركز كندا للهجرة (شركة وهمية)، كانت الأمور مختلفة وأفضل بكثير، إذ يستخدمون أسماء توحي بالثقة مثال كريغ جاكسون، كواجهة واجهة مقنعة في البداية، لكنها لا تصمد أمام التدقيق.
فكريج جاكسون هو مستشار هجرة حقيقي، مسجل لدى مستشاري الهجرة في المجلس التنظيمي الكندي (ICCRC) ، وهي منظمة غير ربحية تم تفويضها من قبل الحكومة الفيدرالية لتنظيم خدمات استشارات الهجرة، لكنه لا يعمل في “مركز كندا للهجرة”، بل استخدم المحتالون هويته لكسب ثقة ضحاياهم، حيث أشار كريج جاكسون الحقيقي إلى أنّه بدأ في تلقي رسائل البريد الإلكتروني في أواخر عام 2019 وأوائل عام 2020 من أشخاص تم تعليقهم من قبل مجموعة مونتريال للإنشاءات، ما يشير إلى أنه تم استخدام اسمه كجزء من عملية احتيال معقدة، وقال: “كان رد فعلي الأولي هو الغضب والغضب، تلته الدهشة، فقد كنت أشعر بالفضول لمعرفة سبب استهدافهم لهويتي، فنصحتني المحكمة الجنائية الدولية لمكافحة الاحتيال (ICCRC) بإبلاغ مركز مكافحة الاحتيال الكندي (CAFC) بالاحتيال – ففعلت”.
وقال متحدّث بإسم وزارة الهجرة واللاجئين والمواطنة الكندية في بيان بأنّ الحكومة خصصت 51 مليون دولار لتحسين الوعي العام بالاحتيال المتعلق بالهجرة وإنشاء أنظمة لقمع مستشاري الهجرة المحتالين بشكل أفضل، مؤكدا أنّ الوزارة لا يمكنها التحقيق في نشاط أولئك الذين انتحلوا شخصية جاكسون، لأن الجناة ليسوا مستشارين حقيقيين للهجرة.
ليس من الواضح من يقف وراء الاحتيال، لكن المعلومات المصرفية من حساب مرتبط بالاحتيال تشير إلى رجل يدعى نبيل أحمد، يعيش ظاهرياً في ولاية كانساس الأمريكية، وفي عام 2012، ألقت شرطة وندسور القبض على رجل قالوا إنه محتال كبير يُدعى نبيل أحمد، وله سجل إجرامي في ارتكاب عمليات احتيال تتعلق بالهوية وبطاقات الائتمان. وأدين بتهم تتعلق بالاحتيال وحكم عليه بالسجن لمدة 10 أشهر.
لم تستطع صحيفة “مونتريال جازيت” تأكيد أن نبيل أحمد المدان في “وندسور” هو نفس الشخص المرتبط بالحساب المصرفي المرتبط بالاحتيال و”شركة مونتريال”.
لا بد من الإشارة إلى أنّ انتحال الصفة لا يقف على شخص معين، فبدلاً من كريغ جاكسون، انتحل آخرون شخصية غريغوري بات، وهو مستشار هجرة آخر مسجل.
وقال غريغوري بات الحقيقي بأنّه بدأ في تلقّي رسائل البريد الإلكتروني والمكالمات الهاتفية في أواخر نيسان / ابريل 2019 من أشخاص يسألونه متى سيحصلون على إقامتهم الدائمة، لافتاً إلى أنّ “كل الرجال الذين اتصلوا بي كانوا متعلمين جيدًا وبليغين، ومعظمهم من المهندسين، فأخبرت جميع الأشخاص الذين اتصلوا بي بأنّهم تعرضوا للغش، وأنهم تعاملو مع شركة وهمية.
المصدر : مونتريال غازيت